تَعرّضت إسرائيل، التي تُعتبر المورّد الرئيس للأسلحة إلى آذربيجان، لانتقادات وجّهتها إليها أرمينيا، على خلفية النزاع الدائر بين البلدين حول إقليم ناغورني قره باغ. وبينما تدرّ العلاقات التجارية الآذربيجانية - الإسرائيلية أموالاً طائلة على تل أبيب، فقد مثّلت إسرائيل، وفق ما أفادت به قاعدة بيانات «المعهد الدولي لأبحاث السلام» في استوكهولم، على مدار السنوات الخمس الماضية، أوّل مزوّد أسلحة أجنبي معروف لآذربيجان، مع مبيعات تجاوزت قيمتها 740 مليون دولار. وفيما تتحفّظ وزارة الدفاع الإسرائيلية عن نشر تفاصيل في شأن مبيعاتها من الأسلحة وأسماء عملائها، فقد أعلن الرئيس الآذربيجاني، إلهام علييف، عام 2016، أن بلاده اشترت معدّات دفاعية من الدولة العبرية بقيمة 4,85 مليارات دولار. كذلك، ذكرت الصحافة الإسرائيلية، في وقت سابق، أن شركة «إلبيت سيستمز» الإسرائيلية باعت طائرات مسيّرة لآذربيجان، وهي أسلحة أسهمت في تغيير التوازن العسكري في النزاع المستمر منذ عقود. وهو ما أكّده المستشار السياسي للرئيس الآذربيجاني، حكمت حاجييف، لموقع «والا» الإخباري الإسرائيلي الأسبوع الماضي، عبر تصريحه بأن «آذربيجان تستخدم طائرات من دون طيار إسرائيلية الصنع هجومية، بما فيها الطائرات المسيّرة الانتحارية، التي يمكن أن تدمّر هدفاً عند الارتطام به، في ناغورني قره باغ».الانتقادات التي وجّهتها يريفان، أخيراً، جاءت بعد أزمة دبلوماسية مع إسرائيل، للسبب ذاته. فقد كانت أرمينيا قد افتتحت، في 17 أيلول/ سبتمبر، أوّل سفارة لها في إسرائيل (في تل أبيب)، من دون ضجّة إعلامية. لكن سرعان ما استدعت سفيرها بعد ذلك بأسبوعين. وأمس، تحدّث الرئيس الإسرائيلي إلى نظيره الأرميني، في محاولة لتهدئة الأوضاع، خصوصاً أن الدولة العبرية لن تتخلّى، على ما يبدو، عن تصدير الأسلحة إلى آذربيجان. وكانت يريفان قامت بخطوتها الاحتجاجية تلك، والتي تمثّل صفعة دبلوماسية لتل أبيب، بعد تقارير صحافية أشارت إلى إقلاع طائرة شحن آذربيجانية من جنوب إسرائيل، وفقاً لما تمّ رصده من خلال بيانات موقع تتبّع الرحلات الجوية («فلايت تراكر 24»). وبحسب الموقع، فإن الطائرة الآذربيجانية التي تُشغّلها شركة «سيلك واي» أقلعت من مطار رامون بالقرب من قاعدة عوفدا العسكرية.
أجرى ستولتنبرغ مباحثات مع جاويش أوغلو وتوقّع أن تستخدم أنقرة نفوذها لتهدئة النزاع


في غضون ذلك، ندّدت فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، الأعضاء في «مجموعة مينسك»، بالمعارك في إقليم ناغورني قره باغ، معتبرة أنها تمثّل «تهديداً غير مقبول لاستقرار المنطقة». وأكّد وزراء خارجية الدول الثلاث، في بيان، «من دون أي تحفّظ، أنّ الهجمات الأخيرة التي استهدفت منشآت مدنية» و«الطابع غير المتكافئ لهذه الهجمات يمثّلان تهديداً غير مقبول لاستقرار المنطقة». وندّد جان إيف لودريان، ومايك بومبيو، وسيرغي لافروف، وزراء خارجية تلك الدول، «بأكبر قدر من الحزم بالتصاعد غير المسبوق والخطير للعنف داخل منطقة النزاع في قره باغ وخارجها». كما جدّدوا دعوتهم إلى «وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار»، مطالبين باكو ويريفان بـ«أن تتعّهدا من الآن باستئناف عملية التسوية بالاستناد إلى المبادئ الأساسية القابلة للتطبيق والنصوص الدولية الملائمة، والتي يعرفها الطرفان تمام المعرفة». جاء ذلك فيما جدّد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، دعوته إلى وقف «فوري» للمعارك، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان. وأفاد الكرملين، في بيان، بأن «فلاديمير بوتين شدد مجدداً على ضرورة وقف العمليات القتالية فوراً».
بدوره، توقّع الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي»، ينس ستولتنبرغ، من تركيا، الحليف الوثيق لآذربيجان، أن تستخدم نفوذها لتهدئة النزاع. وبعد مباحثات أجراها مع وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال ستولتنبرغ: «أتوقّع أن تستخدم تركيا نفوذها الكبير لتهدئة التوتر». من جانبه، قال جاويش أوغلو إن على «الحلف الأطلسي» معالجة التصعيد «في شكل متوازن». وأضاف: «على الجميع، ولا سيما الناتو، دعوة أرمينيا إلى الانسحاب من أجل أن يكون هناك حلّ لهذه المشكلة في إطار القانون الدولي».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا