على مرّ السنوات، اكتسب رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، سمعةً بين موظّفي دار الضيافة في البيت الأبيض، على خلفيّة إحضاره شحنة خاصة أثناء رحلاته إلى واشنطن: حقائب ممتلئة بالغسيل المتّسخ، وفق ما يقول مسؤولون أميركيون مطّلعون على الأمر. تُغسل هذه الملابس مجاناً مِن قِبَل موظّفين في البيت الأبيض، كون تلك الخدمة متاحة لجميع القادة الأجانب الذين بالكاد يستفيدون منها، نظراً إلى الإقامات القصيرة لهؤلاء. لكن «عائلة نتنياهو هي الوحيدة التي تحمل معها حقائب غسيل متّسخ لنا لتنظيفها»، بحسب مسؤول أميركي، يلفت إلى أنه «بعد عدّة رحلات، اتّضح أن الأمر متعمَّد». من جهتهم، نفى مسؤولون إسرائيليون قيام نتنياهو باستغلال مفرط لخدمات الغسيل المقدَّمة من قِبَل مضيفيه الأميركيين، ووصفوا هذه الاتهامات بـ»العبثيّة»، إلّا أنهم أقرّوا بأن رئيس الحكومة كان هدفاً لاتّهامات مماثلة في الماضي. في عام 2016، رفع نتنياهو دعوى قضائيّة ضدّ مكتبه الخاص والمدّعي العام الإسرائيلي، في محاولةٍ لمنع نشر الفواتير الخاصّة بخدمات غسيل الملابس الخاصة به، بموجب قانون حرية المعلومات في البلاد. في ذلك الحين، ساند القاضي موقف رئيس الحكومة، وبقيت تفاصيل فواتير الغسيل سرّية. التهمة البسيطة نسبيّاً، تضاف إلى قائمة طويلة من مزاعم الفساد التي هدّدت الزعيم الإسرائيلي، وأثارت موجة احتجاجات في البلاد هذا الشهر. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وُجّهت إلى نتنياهو لائحة اتّهام شملت تلقّيه هدايا من أصدقاء أثرياء، فضلاً عن مزاعم أخرى أشارت إلى أنه سعى إلى الحصول على مزايا تنظيميّة لأقطاب وسائل الإعلام، في مقابل تأمين تغطية إيجابية، بالإضافة إلى اتهامه بقبول هدايا تقدّر قيمتها بـ 200 ألف دولار من رجال أعمال.
في هذا الوقت، صدر عن السفارة الإسرائيلية في واشنطن بيان جاء فيه، أن هذه التّهم تُعدُّ محاولة للتغطية على نجاح اتفاقات التطبيع التي وقّعتها إسرائيل مع كلّ من البحرين والإمارات في البيت الأبيض منتصف الشهر الجاري، واصفة المزاعم بـ»العبثيّة والتي لا أساس لها»، إذ «تهدف إلى التقليل من شأن الإنجاز الضخم لرئيس الوزراء نتنياهو في قمّة السلام التاريخيّة التي عُقدت يوم الثلاثاء (15 أيلول/ سبتمبر) بوساطة الرئيس ترامب في البيت الأبيض». كذلك، أشارت إلى أن احتياجات غسيل الملابس كانت متواضعة نسبيّاً خلال رحلته الأخيرة إلى واشنطن: «كانت مع العائلة قمصان وبدلة رئيس الحكومة وفستان زوجته، وتمّت الاستعانة بخدمات البيت الأبيض لكيّها. أما ملابس النوم (البيجاما) الخاصّة بنتنياهو وزوجته، والتي استخدمت خلال تحليق الطائرة 12 ساعة من تل أبيب إلى واشنطن، فتمّ غسلها»، وفق بيان السفارة. في الإطار نفسه، قال مسؤول أميركي آخر إن العائلة لم تصطحب هذه المرة، بخلاف مرّات سابقة، حقائب الملابس الخاصة للحصول على خدمات التنظيف. على أن الجدل المثار حول هذه الممارسات يعود إلى تسجيلات تمّ الكشف عنها في عام 2018 لمساعد نتنياهو السابق، نير حيفتس، في المحاكمة الجنائية ضدّ الأخير، والذي قال إن زوجة نتنياهو، سارة، «تقوم بكل أنواع المناورات لإخفاء كل أنواع النفقات»، مضيفاً: «في كل رحلة، تصطحب العائلة معها أربع أو خمس حقائب على الأقلّ مليئة بالغسيل... وأنا أقول لك إن الصحافيين سألوني عن ذلك وتحقّقت من الفواتير».
في المقابل، قال مؤسس «الحركة من أجل حكومة ذات جودة»، أليعازر شراغا، إن «الشيء المختلف في هذا المضمار هو أن نتنياهو متّهم الآن باستخدام موارد حكومية أخرى لغسيله القذر»، لافتاً إلى أن منظّمته تحقّقت من مزاعم غسيل الملابس بعد تسريبات إعلاميّة أفادت بأن نتنياهو وزوجته حملا 11 حقيبة في رحلة ليوم واحد إلى البرتغال في كانون الأول/ ديسمبر. ونفى مكتب نتنياهو الادّعاءات بأن تكون الحقائب مليئة بغسيل متّسخ، قائلاً إنها تضمّنت أشياء يحتاج إليها للعمل في مكتبه.
(جون هادسِن - واشنطن بوست)

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا