تؤشِّر المعطيات المتوفرة إلى أزمةٍ بدأت تنزلق إلى فوضى في بيلاروسيا. أزمةٌ انطلقت شرارتها قبل إعلان فوز ألكسندر لوكاشنكو بولاية رئاسية سادسة، وتصاعدت حدّتها وسط توتّر غير مسبوق في الشارع، يوازية حراكٌ دولي رافض لإعادة انتخاب لوكاشنكو، عَبّر عنه، خصوصاً، اتجاه الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على مينسك من بوابة "انتهاكات حقوق الإنسان"، بعد دعوة وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، دول التكتّل، إلى "العمل معاً" من أجل حلّ الأزمة في بيلاروسيا.منذ مساء الأحد الماضي، تشهد بيلاروسيا تظاهرات احتجاجاً على إعادة انتخاب لوكاشنكو الذي يجلس على كرسيّ الرئاسة منذ 26 عاماً. بحسب النتائج الرسمية، فاز الرئيس بنسبة 80% من الأصوات، في انتخابات تؤكِّد المعارضة أنها شهدت تزويراً، عَزّز من فرضيّته إجراءُ تصويت مبكر تواصل على مدى خمسة أيام، قبل يوم الاقتراع في التاسع من الشهر الجاري. النتيجة التي حُسمت باكراً لمصلحة لوكاشنكو، قوبِلت بحركة احتجاج لم تتمكّن السلطة من تطويقها، على رغم حملة قمعٍ غير مسبوقة تسبّبت في مقتل شخصين وإصابة العشرات، فضلاً عن اعتقال نحو 6,700 شخص، أُفرج عن أكثر من ألفين منهم.
أيّد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على مينسك


منافِسة لوكاشنكو، سفتلانا تيخانوفسكايا، التي حازت 10% من أصوات الناخبين بحسب النتائج الرسمية واضطرّت للّجوء إلى ليتوانيا، تحدّثت، من جهتها، عن عمليات تزوير هائلة، وطلبت مِن الرئيس المنتخَب "التخلّي" عن السلطة، في موازاة دعوتها إلى الحوار والتظاهر، واتّهامها السلطات بارتكاب "مذبحة". وقالت: "لم يعد يريد البيلاروس أبداً العيش تحت نظام لوكاشنكو"، مؤكدةً، من جديد، أنها هي مَن فاز في الانتخابات الرئاسية. وعلى رغم التحذيرات التي أطلقها الرئيس، إلّا أن الإضرابات عمّت، يوم أمس، المصانع، حيث انتشرت سلاسل بشرية على غرار ما حصل في اليوم السابق في أنحاء البلاد كافة، للتنديد بوحشية الشرطة وعمليات التزوير.
دعوات تيخانوفسكايا تزامنت واجتماع عقده وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، يوم أمس، عبر "الفيديو كونفرنس"، واتّفقوا في خلاله على تحديد سلسلة أهداف في بيلاروسيا لفرض عقوبات جديدة عليها، ردّاً على حملة القمع التي شنّها لوكاشنكو ضدّ المتظاهرين. من جهتها، عرضت جارات بيلاروسيا، بولندا ولاتفيا وليتوانيا، استعدادها للعمل كوسيط لمحاولة حلّ أزمة ما بعد الانتخابات التي قالت بروكسل إنها "غير حرّة ولا منصفة". كذلك، دخلت المجر على خطّ الأزمة، مبديةً اهتماماً لجهة أن "تكون قرارات الاتحاد الأوروبي مبنيّة على الحوار، وألّا تعيق بناء علاقات مستقبلاً بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي، وألّا تعرقل أيضاً برنامج الشراكة الشرقية". وزير خارجية بيلاروسيا، فلاديمير ماكاي، تلقّف الدعوة إلى الحوار، مؤكداً في اتصال هاتفي مع نظيره السويسري، إغنازيو كاسيس، أن مينسك مستعدة "لحوار بنّاء وموضوعي مع الشركاء الأجانب" حول كلّ القضايا المرتبطة بسير الأحداث في بلاده خلال الحملة الانتخابية وبعد انتهائها. أما بالنسبة إلى روسيا، التي يحتجز لوكاشنكو 33 من مواطنيها للاشتباه في انتمائهم إلى شركة "فاغنر" للمرتزقة ويتهمهم بالإعداد لـ"مجزرة" في العاصمة مينسك، فإن ما يجري في بيلاروسيا "محاولات واضحة للتدخل الخارجي... تهدف إلى إحداث انقسام في المجتمع وزعزعة استقرار الوضع".

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا