مفاجِئة بدت استقالة المفتّش العام لوزارة الخارجية الأميركية، المكلّف بالتحقيق في ملفّات يُحتمل أن تكون محرجة بالنسبة إلى وزير الخارجية، مايك بومبيو، بعد أقلّ مِن ثلاثة أشهر مِن إقالة سلفه ستيف لينيك. المفتّش المستقيل، ستيفن أكارد، عمل فترة طويلة مساعداً لنائب الرئيس، مايك بنس، وفُسّر تعيينه في منصب مراقب عام لعمل الخارجية الأميركية، في أيار/ مايو الماضي بأنه وسيلة لحماية بومبيو، «الطفل الذهبي» للإدارة الحالية وعرّاب سياستها الخارجية. أكارد أبلغ زملاءه في الوزارة أنه «سيعود إلى القطاع الخاص، بعد سنوات من الخدمة العامة»، فيما سارع بومبيو إلى نفي أيّ علاقة له بمغادرة المفتّش، المعيَّن حديثاً، منصبه الذي ستشغله، موقّتاً، نائبته، ديانا شو، وهي محامية تعمل منذ فترة طويلة في مكتب المفتّش العام. وأكّدت شو لزملائها أنها ستفعل كلّ ما في وسعها «كي لا أدع هذا التغيير الأخير يؤثّر سلباً على عملياتنا».
علاقات أكارد مع بنس، وحقيقة أنه احتفظ بمنصبه كرئيس لمكتب البعثات الخارجية في وزارة الخارجية عندما تولّى منصب المفتّش العام، أثارت دهشة الدبلوماسيين والمشرّعين الديموقراطيين، الذين نظروا إلى تعيينه باعتباره جزءاً من تسييس وزارة الخارجية. كذلك، لا يمكن النظر إلى الاستقالة بمعزلٍ عن توقيتها؛ إذ جاءت بينما يضع مكتب المفتّش العام اللمسات الأخيرة على تقرير حَقّق في إطلاق بومبيو إجراءً طارئاً، قبل عام، سمح بتجاوز الرئاسة للكونغرس لبيع أسلحة للسعودية. خطوةٌ برّرها وزير الخارجية، وقتذاك، بوجود «توترات مع إيران» تقتضي العجلة في بيع معدّات وخدمات دفاعية لكلّ من الرياض وأبو ظبي وعمّان، مستنداً إلى القوانين الأميركية المنظّمة لتصدير الأسلحة، والتي تخوِّل رئيس البلاد إعلان وجود حالة طارئة تتطلّب بيع العتاد العسكري فوراً لحماية «مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة». على هذه الخلفية، قرّر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 15 أيار/ مايو الماضي، إقالة سلف أكارد، ستيف لينيك، بناءً على توصية وزيره بومبيو، موضوع التحقيق. ولا تزال قضية إقالة المفتّش السابق في الوزارة قيد التحقيق في الكونغرس. وفي انتظار كشف ملابساتها، وجّه مشرّعون ديموقراطيون، قبل أيام، مذكّرات استدعاء إلى أربعة مسؤولين في وزارة الخارجية، بناءً على معلومات كشفها أواخر تموز/ يوليو الماضي تشارلز فولكنر، الذي كان مكلّفاً بعلاقات الوزارة مع الكونغرس، في شأن قرار إدارة ترامب بيع أسلحة للرياض وأبو ظبي بموجب إعلان حالة طوارئ زائفة لإتمام صفقة بقيمة 8.1 مليارات دولار.