أُنزل العلم الأميركي مِن على مقرّ قنصلية الولايات المتحدة في شينغدو في جنوب غرب الصين، يوم أمس، مع دخول موظفين رسميّين صينيين المبنى بعد قرار بكين إغلاق البعثة، «رداً بالمثل» على الخطوة الأميركية تجاه القنصلية الصينية في هيوستن/ تكساس، في ما عُدَّ مؤشراً إضافيّاً على تدهور العلاقات بين البلدين. أصرّت بكين على كون الإجراء الذي اتخذته «ردّاً مشروعاً وضرورياً على الإجراءات غير المنطقيّة للولايات المتحدة». إجراءٌ يأتي في خضمّ تصاعدٍ حادّ للتوتر بين أكبر اقتصادين في العالم، يُخشى أن يؤدّي إلى سيناريوات غير محسوبة المخاطر فيما لو مضت الإدارة الأميركية قُدُماً في سياستها العدائية ضدّ بكين، مع بدء العدّ العكسي لانتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، على وقع استطلاعات رأي تمنح جو بايدن تقدّماً واضحاً على المستوى الوطني في مواجهة دونالد ترامب.في إطار التصعيد المتزايد، حذّرت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، أمس، مِن أن «القرن الحادي والعشرين سيكون أكثر ظلمة واضطراباً من حقبة الحرب الباردة... (إذا كانت واشنطن) عازمة على دفع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في الاتجاه الأسوأ»، متوقعةً بأن يتسبّب التوتّر بـ«كارثة غير مسبوقة». ويبدو ترامب وفريقه من المتشدِّدين عازمَين على الدفع بالعلاقات بين البلدين إلى نقطة اللاعودة، بصرف النظر عن اسم الرئيس المقبل، ما يعني أن سياسة المواجهة التي تتبعها الإدارة الحالية، هدفها إعادة توجيه العلاقات بين القوّتين نحو منافسة شاملة لا يمكن عكسها بنتائج الانتخابات الأميركية المقبلة، كما يقول راين هاس، مسؤول ملف الصين في مجلس الأمن القومي في عهد باراك أوباما، لـ«نيويورك تايمز».
خلاصةٌ أوردتها الصحيفة الأميركية في تقرير نشرته أخيراً، ويتحدّث عن أن كبار مساعدي الرئيس الأميركي يسعون إلى ترسيخ علاقات ممزّقة ومضطربة بين البلدين: «خطوة بخطوة، تقوم الولايات المتحدة والصين بتفكيك عقود من الانخراط السياسي والاقتصادي والاجتماعي، تمهيداً لعصر جديد من المواجهة يتشكّل انطلاقاً من وجهات نظر أكثر الأصوات تشدداً في كلا البلدين». ووسط التراجع الكبير في أسهم ترامب الانتخابية على مسافة أشهر قليلة من الاستحقاق الرئاسي، كثّف مسؤولو الأمن القومي الأميركي هجماتهم ضدّ الصين.
تهدف السياسة الأميركية تجاه الصين إلى إعادة توجيه العلاقات بين البلدين نحو منافسة شاملة

وفيما تعزّز هذه الاستراتيجية التوجه الرئيس لحملة ترامب الرئاسية، فإنّ بعض المسؤولين الذين يخشون فوز جو بايدن في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، يحاولون هندسة تغييرات في العلاقات مع الصين لا رجعة فيها، وفق ما تنقل الصحيفة النيويوركيّة عن مصادر مطّلعة. وتقول إنّ الرئيس الصيني، شي جين بينغ، ألهب بدوره المعركة، حين تجاهل القلق الدولي في شأن تزايد السلطوية في البلاد وتعزيز سلطته السياسية واتخاذ إجراءات صارمة ضدّ الحريات الأساسية، مِن إقليم شينجيانغ شمال غرب الصين، حيث تعيش أقلية الإيغور، إلى هونغ كونغ، حيث عزّزت بكين قبضتها عبر قانون للأمن القومي. ومن شأن هذه العوامل أن تثبّت سياسة إدارة ترامب تجاه الصين، أي ترسيخ مواجهة استراتيجية وأيديولوجية بين أكبر اقتصادين في العالم، ولا سيّما أن بعض المستشارين المتشددين يعتقدون بأنّ العداء هو الوضع الطبيعي مع الحزب الشيوعي الصيني، بصرف النظر عمَّن سيقود البلاد. أمّا وزير الخارجية، مايك بومبيو، قائد هذه الحملة وعرّابها، فقد توصّل إلى خلاصة تفيد بأن «علينا أن نعترف بحقيقة صعبة يجب أن توجّهنا في السنوات والعقود المقبلة، وهي أنه إذا أردنا أن يكون القرن الحادي والعشرون حرّاً، وليس قرناً صينياً يحلم به شي جين بينغ، يجب أن لا نواصل النهج القديم، وأن لا نعود إليه».