هي المرّة الأولى التي تتوغّل فيها الصين بعيداً في النظام الشمسي. «تياونوين-1» أو «أسئلة إلى السماء» (سُمِّيت تيمّناً بقصيدة قديمة تتناول موضوع علم الفلك) انطلقت في مهمّتها إلى الكوكب الأحمر، يوم أمس، بواسطة صاروخ «لونغ-مارتش 5» مِن قاعدة وينشانغ في جزيرة هاينان الجنوبيّة. وتحمل المهمّة المتوقّع وصولها في شباط/ فبراير المقبل، مركبة مؤلّفة من ثلاثة أقسام: مسبار مراقبة سيدور حول المريخ، ومركبة هبوط، وروبوت مسيّر مكلّف تحليل تربة الكوكب.نجاح المهمّة الصينية سيعطي دفعاً لمكانة بكين في مواجهتها مع واشنطن التي أمرت للتوّ بإغلاق قنصلية الصين في هيوستن، في آخر فصول التنافس الحادّ بين الدولتين. المحاولة المستقلّة تُعدُّ «حدثاً كبيراً بالنسبة إلى الصين لأنّها المرّة الأولى التي تتوغّل فيها بعيداً في النظام الشمسي»، كما يقول عالم الفلك في مركز «هارفرد سميثسونيان» للفيزياء الفلكية، جوناثن ماكدويل، بينما يلفت تشن لان المحلّل في موقع «غوتايكونوتس.كوم» المختص ببرنامج الفضاء الصيني، إلى أن نجاح المهمة يعني أنها «ستكون المرّة الأولى في التاريخ التي تعمل فيها مركبة هبوط وروبوت مسيّر غير أميركيَّين على سطح المريخ». وتستثمر بكين مليارات الدولارات في برنامجها الفضائي بغية اللحاق بمَن سبقوها. لتلك الغاية، أرسلت أوّل رائد فضاء في عام 2003، لتصبح ثالث دولة ترسل إنساناً إلى الفضاء بواسطة صاروخ من صنعها، بعد الاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة. كذلك، تعتزم بكين تشكيل محطّة فضائية كبيرة بحلول عام 2022، ما سيسمح لها نظرياً بإبقاء روّاد بشكل متواصل في الفضاء، وقد تصبح هذه المحطّة الوحيدة الموضوعة في الخدمة بعد توقّف محطة الفضاء الدولية.
تستثمر بكين مليارات الدولارات في برنامجها الفضائي بغية اللحاق بمَن سبقوها


في عام 2011، حاولت الصين، في مهمّة مشتركة مع روسيا، إرسال مسبار إلى المريخ، إلّا أن المحاولة فشلت عندما عجز الصاروخ الروسي من الوصول إلى مدار مرحلي في طريقه إلى الكوكب الأحمر. إثر ذلك الفشل، قرّرت الصين إكمال المغامرة، لكن بمفردها هذه المرة. فهل تنجح في مساعيها؟ يقول الناطق باسم المهمة الصينية، ليو تونغجي، «المخاطر والصعوبات كبيرة جداً»، ولا سيما خلال مرحلة الهبوط على سطح المريخ، «إلّا أننا واثقون بدرجة كبيرة». وفي حال نجحت تلك المهمة، ستجعل الصين أوّل دولة تطلق مسباراً للدوران حول الكوكب ومركبة هبوط وروبوتاً مسيّراً في المهمّة الأولى.