حتى وقت متأخّر من مساء أمس، كان القادة الأوروبيون لا يزالون يتجادلون ويتناقشون في سبيل تذليل العقبات التي تقف أمام توحّدهم حول خطّة إنعاش، تسهم في انتشال دول الاتحاد الأوروبي من الأزمة الاقتصادية، التي خلّفها تفشّي فيروس «كورونا». القمّة التي كانت مقرّرة ليومين، امتدت ثلاثة أيام، ثم أربعة، والاجتماع الذي كان مقرّراً ظهر أمس، جرى تأجيله إلى المساء من أجل إفساح المجال أمام اللقاءات الثنائية، على أمل أن تفضي في النهاية إلى رؤية مشتركة، واتفاق بشأن الخطّة التي يدور حولها سجال حاد بين الدول «المتقشّفة» والثنائي الفرنسي-الألماني. وبينما برزت نقاط خلاف جوهرية حول وجهتي النظر المختلفتين، فقد جرى تعديل النص الأصلي، عبر مقترح جديد عبارة عن حلّ وسط، يُرضي مختلف الأطراف. وأظهرت وثيقة أنه بموجب مقترحٍ قُدّم إلى زعماء الاتحاد الأوروبي، بعد ظهر أمس، فإنّ حزمة التعافي الاقتصادي لانتشال التكتل من الركود، تتضمّن منحاً بقيمة 390 مليار يورو، وقروضاً قيمتها 360 مليار يورو. ويمثل هذا المقترح تغييراً من منح قيمتها 500 مليار يورو، وقروض بقيمة 250 مليار يورو، اقترحتها أصلاً المفوضية الأوروبية.ويبدو أنّ الوثيقة مصمّمة لأن تكون أساساً لتسوية واقتراح معدّل وأقلّ إنفاقاً، وذلك بعد أربعة أيام من محادثات شاقّة حول حزمة التحفيز. وتتصور أيضاً أنّ الخطط الوطنية لإنفاق الأموال سيتعيّن أن تحصل على موافقة أغلبية مطلقة لحكومات الاتحاد الأوروبي. وسيكون صرف الأموال مرتبطاً أيضاً بمراعاة الحكومات، وهو ما سيتعيّن تأكيده بموافقة أغلبية مطلقة للحكومات.
رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الذي يتولّى جهود الوساطة في القمة، قال إن «المراحل الأخيرة هي دائماً الأصعب، لكنّي واثق، ومقتنع بأن الاتفاق ممكن». وفي مؤشر إلى مساومات مكثّفة بين مختلف الوفود، أُرجئت الجلسة العامة مراراً، قبل أن يتقرّر إجراؤها خلال عشاء عند الساعة 20,45 (18,30 ت غ). وأكد ميشال أن الاقتراح «هو ثمرة عمل جماعي مكثّف بشدّة».
ويعدّ خفض قيمة الخطة بادرة تجاه الدول «المتقشّفة»، أي هولندا والسويد والدنمارك والنمسا، وقد انضّمت إليها أخيراً فنلندا. فقد كانت هذه الدول قد هدّدت، مراراً، بنسف خطة الإنعاش الاقتصادي التي ستستفيد منها أولاً دول الجنوب الأكثر تضرراً من جائحة «كوفيد ــــــ 19»، على غرار إيطاليا وإسبانيا، ولا سيما أنّ إقرار الخطة يتطلّب إجماعاً يصعب التوصّل إليه.
(رويترز، أ ف ب)