يناقش مجلس الشعب الصيني، في اجتماعه السنوي الذي ينطلق اليوم، مقترحاً لفرض قانون الأمن القومي في هونغ كونغ. قانونٌ من شأنه، أولاً، تجديد الاضطرابات في المدينة بعدما هدأت على خلفية تفشّي الوباء، وتصعيد الخلاف الأميركي ــــ الصيني المحتدم في غير ملف، ثانياً. تقول بكين إن القانون المُنتظر إقراره في الأيام القليلة المقبلة، والذي أعيد طرحه في السنوات الأخيرة كردٍّ على تنامي الحراك المناهض للصين، سيعزّز «آليات التطبيق» في المستعمرة البريطانية السابقة، وفقاً للمادة 23 من برلمان هونغ كونغ المصغّر (القانون الأساسي)، والتي تنصّ على ضرورة أن تسنّ المدينة قوانين مرتبطة بالأمن القومي لمنع «الخيانة والانفصال والفتنة وأعمال التخريب» ضدّ الحكومة المركزية. لكن البند المذكور لم يُطبّق يوماً، نظراً إلى تخوّف السكان من احتمال تقويضه الحقوق في المدينة التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي، إذ تمّ التخلّي عن محاولة لفرضه في عام 2003 بعدما خرجت تظاهرات ضخمة مناهضة له.ولا تزال مآلات إعلان الصين فرض القانون المذكور غير واضحة، غير أن تزامُن الخطوة مع استفزازات أميركية في تايوان (آخرها إعلان واشنطن موافقتها على بيع تايبيه 18 طوربيداً ثقيلاً من طراز «أم كي-48» في صفقة تبلغ قيمتها 180 مليون دولار)، مضافاً إليها الهجوم الشرس الذي يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووزير خارجيته مايك بومبيو، ضدّ بكين لتحميلها مسؤولية الضرّر اللاحق بالولايات المتحدة من جرّاء الوباء، يشي بتصعيد أكبر بين القوّتين العظميين. تصعيدٌ تجلّى خصوصاً في تهديد ترامب «الردّ بقوّة» في حال مواصلة الصين خططها لفرض التشريع، وإعلان بومبيو أن واشنطن «تراقب عن كثب ما يحدث» في هونغ كونغ، مكرّراً الإشارة إلى اهتزاز الحكم الذاتي في المدينة، وهو شرطٌ رئيسي لحصولها على معاملة خاصّة بموجب القانون الأميركي.
أكّدت الصين أنها ستضمن الاستقرار الطويل الأمد لمبدأ دولة واحدة بنظامين


ويبدو أن صيفاً حامياً آخر ينتظر هونغ كونغ رداً على القانون المُرتقب محلّ الجدل؛ إذ يُتوقَّع أن تخرج موجة احتجاجات جديدة، استكمالاً للموجة الأولى التي تواصلت منذ حزيران/ يونيو، وحتى نهاية العام الماضي، اعتراضاً على مشروع قانون (ألغي لاحقاً) يتيح تسليم المشتبه في ارتكابهم جرائم للبرّ الصيني، ولكنّها تحوّلت عاجلاً إلى التنديد بتدخّل بكين المتزايد في شؤون منطقتها شبه المستقلة منذ سنوات، مع وجود مجلس تشريعي محلّي عن طريق التعيين وليس الانتخاب، وبرلمان يتم انتخاب جزء من أعضائه فقط عن طريق الاقتراع العام.
لكن الصين أوضحت، أمس، أن لها اليد الطولى في هونغ كونغ. وفي افتتاح الاجتماع السنوي لأكبر هيئة استشارية سياسية في الصين، قال رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وانغ يانغ: «سنضمن الاستقرار الطويل الأمد لدولة واحدة بنظامين»، متعهّداً بمواصلة «دعم تحسين تنفيذ أنظمة وآليات الدستور والقانون الأساسي». كذلك، التقى ممثّلون عن مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو في بكين مندوبي المدينة لدى الهيئة التشريعية الصينية لشرح تفاصيل قانون الأمن القومي. على هذه الخلفية، قال ستانلي نغ، نائب المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في هونغ كونغ، والذي حضر الاجتماع، إن القانون، وهو ردٌّ مباشر على احتجاجات العام الماضي، «سيحظر الانفصال، والتخريب لسلطة الدولة، والتدخّل الأجنبي والإرهاب». نغ، الذي دافع لسنوات لسنّ قانون مماثل، اعتبر أن «الاضطرابات الاجتماعية العام الماضي، أظهرت أن حكومة هونغ كونغ لم تكن قادرة على التعامل مع تمرير تشريع الأمن القومي بمفردها»، إذ إنه «سيتم التضحية بوضع هونغ كونغ مع هذا القانون أو من دونه، إذا كان المجتمع غير مستقر بسبب عنف المتظاهرين».