بعد تسجيلها 193 حالة شفاء جديدة، أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، أمس، أن عدد المتعافين الإجمالي، الذين سُرّحوا إلى بيوتهم، بعدما كانوا قد أصيبوا بفيروس «كورونا»، بلغ 8141 (بينهم 212 وفاة). هكذا أصبح عدد الخاضعين للعلاج حالياً 7641 فيما نسبة الحالات الخطرة والمتوسطة بين هؤلاء هي 2 بالمئة فقط. الانخفاض في تسجيل الحالات الجديدة ينبغي أن يُسقط ذريعة استخدام وسائل مراقبة تكنولوجية للحد من انتشار الوباء، مع ذلك قرّرت الحكومة الإسرائيلية تمديد مهمة «الشاباك» لجمع أكبر مخزون ممكن من المعلومات وضمّها إلى مشروع «الأداة»!قد لا يحتاج جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل إلى أي ذريعة لجمع المعلومات ولو على حساب «انتهاك الحق في الخصوصية»؛ فالجمع أصلاً عماد وظيفته الأمنية في شقّيها الوقائي والهجومي. غير أن تفشي فيروس «كورونا»، وما تبعه من إقرار لأنظمة الطوارئ «شرعن» الحجة - أقله أمام الجمهور الإسرائيلي - بأن انتهاك الخصوصية من قبل الجهاز، هو من أجل «حماية الحق في الصحة العامة».
اليوم، من المفترض أن تنتهي مهمة «الشاباك»، لكن مساء أول أمس، مدّدت الحكومة الإسرائيلية المهمة أسبوعاً آخر. كل هذا جرى بالتوازي مع تخفيفها مطلع الأسبوع قسماً كبيراً من أنظمة الطوارئ وعلى إثرها حالة الإغلاق. إذاً الحالة الاستثنائية التي يتاح ضمنها استخدام إجراءات غير مألوفة، بدأت تتراجع.
مع ذلك، تقرّر التمديد لأسبوع آخر؛ بحيث يُعطي لـ«الشاباك» وقتاً إضافياً لاختراق أكبر عدد ممكن من الهواتف، ولتجميع أكبر حجم من «الداتا»؛ بدءاً من المعلومات عن مصابين بالفيروس، ومن تواجد في محيطهم في خلال الـ14 يوماً التي سبقت تحديد الإصابة، ومن ثم الأشخاص الذين خالطوا المحيطين بالمصاب الأول.
ما يعني أننا إزاء دائرة تتسع باطّراد مهول، يبدأ فيها اختراق «الشاباك» للهواتف، فينقل ما فيها من صور شخصية، ومحادثات، إلى جانب الأماكن التي تنقّل إليها حامل الهاتف، وكل الملفات التي يتضمّنها الجهاز، إلى ما يُعرف بـ«الأداة». والأخيرة سبق أن أفردت لها صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريراً مطولاً خلصت فيه إلى أن «(الأداة) تجمع بشكل متواصل معلومات عن جميع المواطنين «وليس فقط في حالة استثنائية مثل تفشي العدوى».
اللافت في التقرير المنشور قبل شهر تقريباً هو ما عبّر عنه مسؤول سابق في «الشاباك»، واصفاً «الأداة» بأنها «كجامعة لا نهائية لنقاط في الفضاء الإلكتروني... هي مثل بئر عميقة، أو قبو مغلق ومظلم لا يستطيع أحد الدخول إليه. وفقط بعد الحصول على مجموعة كبيرة من التصاريح (أشكال مختلفة من كلمات المرور) يمكن النزول بمصباح وإضاءة قسم معين من هذه البئر للتوصل في النهاية إلى نتيجة بحث محدود».
شطاينس: الحكومة تريد توسيع صلاحيات الشاباك لتشمل مهمّات أخرى


ولكن لماذا سارعت الحكومة إلى التمديد؟ الجواب في إعلان المحكمة «العليا» التي وضعت الأولى أمام إمكانيتين اثنتين إمّا «وضع بديل من وسائل الشاباك التكنولوجية»، أو «سنّ قانون ينظّم استخدام قدرات الجهاز الأمني». وهو ما يشير بوضوح إلى أن كّل ما جمّع منذ بدء تفشي الوباء لم يخضع لأي قانون أو مراقبة، وبالنظر إلى طبيعة عمل «الشاباك» قد يمكن القول إن المعلومات التي أضيفت إلى خزّانه، توسّع رقعة استخداماته سواء لأغراض أمنيّة أو جنائية، أو لأغراض التجنيد والابتزاز وصولاً إلى استغلاها حتى في تشكيل الرأي العام.
ضمن هذا الإطار، يمنح التمديد أيضاً وقتاً إضافياً لـ«لجنة شؤون الاستخبارات»، المنضوية تحت «لجنة الخارجية والأمن» في الكنيست، الذي ينعقد غداً في ظل التمديد، لبحث إجراءات سنّ قانون ينظم جمع المعلومات. وفي السياق، أشارت صحيفة «ذي ماركير» الاقتصادية على موقعها الإلكتروني، أمس، إلى أنه بتمديد الحكومة للمهلة «تكون قد بذلت أقصى جهدها لإبقاء الشاباك كإمكانية لا بديل منها لمراقبة المرضى ومحيطهم. لا بل إنها وسّعت بذلك رقعة نشاط الجهاز».
وأضافت أن هناك مقترحاً من البدائل أعدّه «مجلس الأمن القومي»، مستدركةً أن مصادر نيابية إسرائيلية اوضحت أن «لجنة شؤون الاستخبارات»، «لم تبذل جهداً مهماً للبحث فيها، مدعيةً أنه لا بديل مدنياً ملائماً من التكنولوجيا المتوفرة لدى الشاباك، باستثناء برنامج تكنولوجي طوّرته شركة السايبر الإسرائيلية NSO ». علماً أنها شركة أمنية لتطوير برامج تجسّس.
وما يؤكد رغبة الحكومة في عدم توفير بديل من «الشاباك» هو ما نقلته الصحيفة نفسها عن رئيس «الطاقم الوزاري لبحث آليات مراقبة الجهاز (الشاباك)»، الوزير يوفال شطاينس؛ إذ قال الأخير إن «الحكومة ليست راضية فقط عن استخدام الشاباك، وإنما تريد توسيع صلاحياته لتشمل مهمات أخرى، بينها رصد بؤر انتقال العدوى والتجسّس عملياً على جميع المواطنين الذين خالطوا مريضاً بكورونا في البؤرة المشار إليها».
اللافت أن شطاينس نفسه يتابع البرنامج الذي يستخدمه «الشاباك» لجمع المعلومات يستطيع أيضاً اختراق الهواتف غير الذكية؛ إذ يشير إلى أن «أكثر من مليون حريدي (يهودي متشدّد) في إسرائيل لا يحملون هواتف ذكيّة (بسبب تحريم ذلك دينياً، حيث يمنع الولوج إلى الإنترنت والتطبيقات التي تتيحها الهواتف الذكيّة). ولهذا السبب فإنه رُفض استخدام وسائل أخرى لمراقبة وتتبّع المرضى».
أقوال الوزير جاءت في خلال اجتماع عقدته اللجنة بصورة سريّة مساء أول أمس، وهو ما دفع بالصحيفة للسؤال عن أنه «إذا كانت اجتماعات اللجنة خلال الشهر الأخير تجري من خلال البث الحي، باستثناء اجتماعين اثنين استعرضت خلالهما مواد سريّة للشاباك، لماذا اجتمعت اللجنة سراً (أول أمس) بينما تقوم ببحث بدائل مدنية؟».