من الأسئلة البديهية التي تتكرّر منذ تحَوَّلَ فيروس «كورونا» إلى وباء عالمي، وفرَض إجراءات عزل صارمة على معظم سكّان الكوكب: متى ينتهي كل هذا؟ وبما أن أحداً لا يعرف الإجابة، تبقى عودة الحياة إلى «طبيعتها» مرهونة بجملة عوامل، أولها يعتمد بشكلٍ رئيس على احتواء الفيروس.في تقرير صدر نهاية آذار/ مارس الماضي عن معهد «أميركان إنتربرايز»، وضع معدّوه أربعة أهداف لإنهاء إجراءات العزل: أن تكون المستشفيات قادرة على علاج جميع المرضى؛ أن تكون الدولة قادرة على فحص أيّ شخص يعاني مِن أعراض؛ وأن تكون قادرة كذلك على مراقبة الحالات المؤكّدة؛ وأن يسجّل منحنى الإصابات انخفاضاً متواصلاً لمدّة لا تقلّ عن 14 يوماً.
لم يفتك الوباء في أيّ مكان في العالم كما فعل في أوروبا والولايات المتحدة؛ الأخيرة يصارع رئيسها، دونالد ترامب، مِن أجل «تحرير» البلاد مِن إجراءات عزلٍ سبّبت ركوداً لم تشهده أميركا منذ ثلاثينيات القرن العشرين. الاقتصاد يترنّح ونسب البطالة إلى ارتفاع وقطاع النفط يئنّ تحت وطأة تهاوي الأسعار العالميّة، بينما تضخّ الحكومة الفدرالية مبالغ طائلة لتحفيز الاقتصاد. ورغم أنها أصبحت بؤرة الوباء عالمياً (أكثر من 45 ألف وفاة وأكثر من 820 ألف إصابة) على خلفية الاستجابة المتأخّرة، وجد الرئيس الأميركي ضالّته في بضعة مسلّحين يتظاهرون للمطالبة بإنهاء الإغلاق المفروض، داعياً إلى التصدّي لهذه الإجراءات في رسائل وجّهها قبل أيام: «حرّروا مينيسوتا!»، «حرروا ميشيغان!» و«حرروا فرجينيا!». رسائل وصل صداها، في ما يبدو، إلى بعض الولايات، لتبدأ عمليات «التحرير مِن جورجيا وتينيسي وأوهايو وكارولينا الجنوبية وفلوريدا.
يصارع ترامب لـ«تحرير» البلاد مِن إجراءات عزلٍ سبّبت ركوداً لم تشهده منذ الثلاثينيات


فقد انضمّ حاكم ولاية جورجيا، بريان كيمب، إلى حكّام ولايات أخرى يمضون قدماً في خطط تخفيف إجراءات العزل. يحدث ذلك رغم دلائل تشير إلى أن تفشّي الفيروس بدأ للتوّ في ضرب بعض أجزاء البلاد، مثل ولاية ماساتشوستس حيث بلغ عدد الإصابات أكثر من 41 ألفاً. على أي حال، سُمح لسكّان الولاية باستئناف حياتهم اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة، على أن تفتح الأعمال التجارية تباعاً، ومنها المطاعم التي ستعود إلى العمل الإثنين. وفي تينيسي، قرّر الحاكم بيل لي عدم تمديد أمر «البقاء في المنازل» الى ما بعد 30 من الجاري. ستفتح «الغالبية العظمى مِن الشركات في 89 مقاطعة» أبوابها في الأول من أيار/ مايو، وهو التاريخ الذي تستأنف فيه أوهايو نشاطها الاقتصادي. هذه الولاية التي أصبح سجنها المركزي أكبر مصدرٍ معروف للعدوى في البلاد بعد تأكيد إصابة 2,400 سجين و103 موظفين، يقول حاكمها مايك ديواين إنه سيفعل ما يعتقد أنه صحيح: محاولة تشغيل الاقتصاد، و«لكن أفعل ذلك بحذرٍ شديد حتى لا يُقتل الكثير من الناس». وفي كارولينا الجنوبية، أكّد الحاكم هنري ماكماستر أنه سيسمح بإعادة فتح المتاجر الكبرى وبعض شركات البيع بالتجزئة، كما سيتمكّن الناس من الوصول إلى الشواطئ العامة. الأمر نفسه ينطبق على فلوريدا التي بدأت إجراءاتها في الأول من الشهر الجاري، إذ أذن حاكمها رون ديسانتيس بفتح بعض الشواطئ في شمال الولاية لأن «الناس بحاجة للحصول على هواء نقي». ورغم زيادة حالات الإصابة فيها، قال ديسانتيس: «أفعلها بطريقة جيدة... أفعلها بطريقة آمنة».