أشعلت عودة المواجهات البحرية في مياه الخليج بين القوات الإيرانية والأميركية، بعد سنوات على توقّفها، التوقعات بشأن طبيعة الرسائل التي تريد طهران إيصالها في هذا التوقيت. حادثة اقتراب زوارق «الحرس الثوري» من السفن الحربية الأميركية، التي تحدث عنها الجيش الأميركي ليل الأربعاء ـــ الخميس الماضي ووصفها بـ«الخطيرة والاستفزازية»، عكفت واشنطن على دراستها لتحديد الرد عليها، كما أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو، قبل أيام.في المقابل، التزمت طهران الصمت حتى أمس، حين أكّدت الواقعة، لكن برواية مختلفة. فقد اتهم «الحرس» البحرية الأميركية، في بيان، باعتراض سفينة «الشهيد سياوشي» في السادس والسابع من الشهر الجاري، عبر «تصرّفات عالية المخاطر وتجاهل التحذيرات». وتابع البيان: «ردّاً على الحادثة، كثّف الحرس الثوري دورياته وأرسل 11 زورقاً لمواجهة البوارج الأميركية» في الخامس عشر من الشهر الجاري، مضيفاً: «على رغم التصرّفات غير المهنية والاستفزازية التي يقوم بها الإرهابيون الأميركيون وعدم مبالاتهم بالتحذيرات، ومع التصدّي الشجاع وبسالة قواتنا، تم إرغام البوارج الأميركية على الانسحاب من مسار قطع البحرية التابعة للحرس». هكذا، رأى «الحرس» أن البحرية الأميركية قدّمت «رواية غير صحيحة حول هذا الحادث، ما يشير إلى أن الأميركيين يرغبون في نسخة هوليوودية للأحداث». فوق ذلك، حذّر البيان الأميركيين من «أي مغامرة وفبركة روايات مزيفة»، داعياً إياهم إلى «الامتثال للقوانين الدولية وبروتوكولات الملاحة البحرية في الخليج الفارسي وبحر عمان».
التوتّر المستجد يأتي ضمن توقيتين: الأول الانشغال الأميركي في أزمة «كورونا» بموازاة تشدّد واشنطن برفضها تخفيف العقوبات على إيران، والثاني تمسّك طهران بمطلب إخراج القوات الأميركية من المنطقة منذ اغتيال قائد «قوة القدس» في «الحرس»، الجنرال قاسم سليماني.
بالتزامن مع ذلك، كشف قائد القوة البحرية في «الحرس»، الأدميرال علي رضا تنكسيري، عن أن سلاح البحرية بات يمتلك صواريخ بحر ــ بحر وطوربيدات بمدى 700 كلم، مشيراً في حديث أمس إلى أن «سرعة القطع البحرية لدينا تفوق بثلاثة أضعاف القطع الأميركية، كما تمكّنا من قطع أشواط كبيرة في تقنيات ما تحت سطح الماء». وعلّق تنكسيري على المواجهة البحرية الأخيرة بالقول: «الأميركيون عمدوا... إلى اعتراض مسار قطعاتنا البحرية، متجاهلين التحذيرات الرادارية أيضاً، لكنهم واجهوا رداً صارماً».
على خط موازٍ، جدّدت الخارجية الإيرانية استعداد طهران للحوار مع دول الخليج. وقال المتحدّث باسم الوزارة، عباس موسوي: «إيران مستعدّة دائماً للتواصل مع جيرانها وتحت أي ظرف، ومستعدون لحل الخلافات دون شروط مسبقة»، مضيفاً: «إيران ودول المنطقة قامت بتوفير الأمن للخليج والمناطق المحيطة به منذ آلاف السنين، لكن وجود القوات الأجنبية، وخاصة الأميركية، يزعزع الثقة ويثير التوتر في المنطقة».