أكثر من 60 مليون إيطالي يخضعون اليوم للحجر الصحي. الحكومة تحاول احتواء «كوفيد 19»، إلا أنّ أرقام الوفيات مخيفة (16523 من بين إجمالي عدد الإصابات الذي تخطى الـ130 ألفاً)، وتصل نسبتها الى 12.6%، وهي أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 3.4% وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وقد تأثرت المناطق الشمالية مثل لومباردي وفينيتو وإيميليا رومانيا على نحو كبير بالفيروس، إذ إنها تضم النسبة الأكبر من الإصابات (85%) والعدد الأكبر من الوفيات (92%). هذه الحصيلة أثارت تساؤلات حول أسباب تفشي المرض بهذه السرعة والعدد الضخم من الوفيات. وفيما خلص علماء إلى أن حصيلة الضحايا المرتفعة تعود إلى عوامل عديدة، يتقدمها متوسط الأعمار والنظام الصحي وإحصاء المصابين والضحايا، وضع الصحافيون علامات استفهام حول أداء الحكومة، وذهب بعضهم إلى تحميلها المسؤولية بسبب التأخر في إجراء الفحوصات وفرض الحجر المنزلي.مجلة «تايم» الأميركية أشارت الى أن الفيروس «بدأ رسمياً في الانتشار يوم 20 شباط/ فبراير مع اكتشاف أول إصابة لرجل في الـ38 من العمر في إقليم لومباردي (شمال)». إلّا أنها نسبت الى «مسؤولين تأكيدهم أن الفيروس وصل قبل ذلك بمدة طويلة». ونسبت الى الباحثة في قسم الأمراض المعدية في المعهد الإيطالي للصحة، فلافيا ريكاردو، أن الفيروس «ربما كان قد انتشر لبعض الوقت، في وقت ذروة الإصابة بالانفلونزا، وشُخّص المصابون بأعراض الأنفلونزا».
وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية عن رئيس جناح الطوارئ ستيفانو باجليا أنه «قبل تسجيل الإصابة الأولى سُجّل عدد كبير من حالات الالتهاب الرئوي الحاد في مستشفى كودونو». وكما ريكاردو، إذ رجّح أنه جرت «معالجة مرضى الفيروس على أنهم مصابون بإنفلونزا موسمية، وربما أصبحت المنشآت الصحية التي استضافت هؤلاء المرضى مواقع لنقل العدوى، ما ساعد على انتشار الفيروس».
نسبة الوفيات 12.6% مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 3,4%


قبل شهر من رصد أول إصابة، أنشأ وزير الصحة الايطالي وحدة لمكافحة الفيروس، فيما كانت إيطاليا أول دولة حظّرت السفر من الصين واليها. كما اتخذت إجراءات مشدّدة لاحتواء المرض، إذ أعلن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي الحجر الصحي في البلاد كلها، وتضييق الخناق على التنقلات وغلق الأماكن العامة، في التاسع من آذار/ مارس الماضي، أي بعد اكتشاف الحالة الأولى في البلاد بحوالى 18 يوماً. وهو ما اعتبره البعض «تأخراً من الحكومة خشية تداعيات الاغلاق على اقتصاد البلاد المهتزّ أساساً». كما أن قرار الحظر السريع، بحسب خبراء، «شجّع بعض المسافرين على الدخول في رحلات متصلة من دون الكشف عن بلد المغادرة»، فيما اعتقد آخرون أن «المرض كان قد انتشر قبل أن تتخذ الحكومة إجراءات الوقاية».
كذلك، يصرّ كثير من المتابعين لانتشار الوباء في إيطاليا على أنّ عامل السن كان أحد أبرز العوامل التي أدت إلى أعداد هائلة في الوفيات. ووفق «المعهد الوطني للصحة» في البلاد، سُجّلت في روما «نسبة كبيرة من الوفيات، علماً بأنها الأولى أوروبياً والثانية عالمياً في عدد كبار السن»، فيما لفتت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية الى أن حوالى 23% من الإيطاليين هم في عمر الـ65 وما فوق، وأن «متوسط ​​العمر في البلاد هو 47.3 مقارنة بـ 38.3 في الولايات المتحدة».