على غرار معظم قارات العالم، يواصل فيروس «كورونا» حصد المزيد من الأرواح في أميركا اللاتينية. لكن حتى الآن، تعدّ البرازيل الدولة الأكثر تأثراً؛ ورغم ذلك، يصر رئيسها، جايير بولسونارو، على «السخرية» من الفيروس، معانداً كل الإجراءات الصحية التي يفترض أن تُتبع، خوفاً على الاقتصاد، لا على صحة الناس. بولسونارو واجه، إلى جانب السخط الشعبي، سخطاً من بعض أركان الدولة التي بدأت تتخذ تباعاً إجراءات لوقفه. وفي هذا السياق، أعلنت الحكومة البرازيلية أنها ستستعين بجيشها في مكافحة فيروس «كورونا». وتمَّ نشر القرار في الجريدة الرسمية للحكومة، أمس الثلاثاء، على أن يستمر العمل به حتى 28 أيار/ مايو ويمكن أن تمدده وزارة العدل. ويعني هذا القرار أنه يمكن الاستعانة بأفراد الجيش لضمان أمن الأطباء والممرضات والمستشفيات، وتوزيع المعدات الطبية والمنتجات الغذائية، وإجراء اختبارات التحقق من الإصابة بالفيروس، بالإضافة إلى كفالة الأمن والنظافة الشخصية في الموانئ ومحطات القطار والمطارات. وبحسب القرار الذي أوردته الجريدة الرسمية، سيكون الجيش مسؤولاً أيضاً عن منع النهب والتخريب أثناء الأزمة. وبالتوازي، أصدرت المحكمة العليا في برازيليا أمس، قراراً قضى بمنع الرئيس من الاستمرار في حملته ضد الحجر الصحي.
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي في البرازيل، انتشر رسم ساخر يظهر ديناصوراً يحدق في نيزك على وشك إبادة جنسه، ويقول «تباً سيكون هذا سيئاً للاقتصاد»، في استهزاء بآلية إدارة الرئيس اليميني لأزمة «كورونا».
ويتناقض موقف بولسونارو مع موقف منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة البرازيلية وإجراءات العزل التي يطبقها نحو نصف سكان الأرض للحد من انتشار الفيروس. لكن الرجل تشبث بموقفه، فيما وصل الوباء إلى البرازيل التي سجلت أسوأ الأضرار في أميركا اللاتينية مع 5717 إصابة و201 وفاة حتى الآن.
«أزمة سياسية»
خفف بولسونارو لهجته قليلاً في خطاب إلى الأمة مساء أمس، فوصف الفيروس بأنه «أكبر تحدّ لجيلنا». وأقرّ بأهمية التدابير الوقائية، وتحدث عن محاربة الوباء بإجراءات «عزل عمودي» أي عزل الأشخاص الأكثر عرضة للخطر وجعل باقي أفراد المجتمع يزاولون حياتهم كالمعتاد. غير أنه كرر رسالته المتعلقة بالاقتصاد وشدد على أن «الآثار الجانبية لمكافحة فيروس كورونا المستجد لا ينبغي أن تكون أسوأ من المرض نفسه».
ويبدو أن عزلة بولسونارو تتزايد بسبب آرائه الرافضة للعزل. فإلى جانب حراك البرازيليين الشعبي الاحتجاجي عبر طرق الأواني من النوافذ كل ليلة، ينأى عدد من حلفائه بأنفسهم عنه، ويطالب سياسيون من معارضيه باستقالته بسبب «جرائمه» بحق الصحة العامة. أما سلطات الولايات والسلطات المحلية فتتجاهله بشكل أساسي.
وفي هذا السياق، رأى الرئيس البرازيلي الأسبق، إيناسيو لولا دا سيلفا، أن الأزمة التي تواجهها البرازيل اليوم هي «الرئيس بولسونارو، الذي يجب عزله من السلطة». وقال دا سيلفا في تصريحات نقلتها وكالة «برينسا لاتينا» إن «بولسونارو لا يحترم العلم»، مؤكداً أن «على المعارضة أن تجد طريقة لمعرفة ما يجب فعله مع بولسونارو لأنه يشكل خطراً حالياً، ليس فقط على البرازيل، بل على العالم أيضاً».