تدور في كيان العدو الإسرائيلي حرب بين وزارة الصحة وقيادة الجيش، حول الجهة المسؤولة عن مواجهة انتشار فيروس «كورونا». إذ يريد جيش العدو تكليفه بهذه المهمّة، معتبراً أنّه «الجهة الوحيدة القادرة على إدارة هذا الملف الخطير في أحكام الطوارئ». من جهتها، ردّت وزارة الصحة، المُكلفة حالياً بمواجهة الفيروس، عبر صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأنّ «ضباط الجيش دون خبرة أو دراية في هذا المجال». في الأيّام الماضية، طالب الجيش الاسرائيلي بتفعيل اتفاقية موقعة مع وزارة الصحة عام 2006، تنصّ على أنّ وزارة الأمن هي المسؤولة عن إدارة الأزمة في حال تفشّي وباء خطير في «إسرائيل»، وتضمّن الاتفاق سيناريو انتشار فيروس قاتل يدخل بسببه 4 آلاف إسرائيلي في اليوم الواحد إلى المستشفيات، وقد تكفّل الجيش بإدارة هذه الحالة، وفي وقت لاحق أجرى تمرينات للتعامل مع ذلك.
ونقلت صحيفة «يديعوت» عن أحد ضبّاط الجيش قوله: «حتى اللحظة نتحرّك مع وزارة الصحة، لكن المهمات في مواجهة الفيروس وتداعياته تحتاج إلى خبرات وقدرات الجيش». وجهة نظر وزارة الصحة مختلفة، فهي ردّت بأنّه «نعم، الجيش يُقدّم خدمات ومساعدة تتعلّق بالميدان، لكنّ الوزارة تُدير كلّ العملية، والجيش يريد إدارة أقسام ومنظومات لا خبرة لديه عنها ولا يستطيع إدارتها». وهاجمت وزارة الصحة الجيش بوصفه «عاجزاً عن مواجهة التداعيات بين جنوده، وقد طلب مساعدة الوزارة، فكيف يستطيع الآن قيادة المهمة في مواجهة وباء كورونا؟».
وبرغم من هذا السجال بين الوزارتين، كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم»، أنّ المؤسسة العسكرية تتجهز لإدارة أزمة «كورونا» بشكل كامل، لأنّ أي تأخير في ذلك قد يُكلّف موت الكثيرين بالفيروس. وبحسب الصحيفة، فقد أتم الجيش في الأيام الماضية استعداداته للتعامل مع الأزمة، على الرغم من أنّ الأمر ما زال في عهدة وزارة الصحة.
وكجزء من الاستعدادات، حدّث جيش العدو الخطة الخاصة للتعامل مع الكوارث الطبيعية، واستعد بشكل مستقل كي يكون جاهزاً في حال واجهت وزارة الصحة صعوبة في مواصلة مواجهة الوباء، وخاصة في حال حصول ارتفاع كبير في عدد المرضى في الأيام القريبة ومن أجل منع فقدان السيطرة على الأزمة.
حدّث جيش العدو خططه من مواجهة كارثة طبيعية إلى مواجهة وباء


الجيش الإسرائيلي أدخل تعديلات على خطّته لمواجهة الكوارث الطبيعية، والتي يطلق عليها تسمية «قفص الصيف»، ليُصبح اسم الخطة حالياً «كيرن أور» (شعاع نور). وتشمل الخطة مواجهة حالة متطرفة، يتولّى فيها الجيش إدارة الحياة المدنية كلّها في الدولة، والسيطرة على السكان.
وبحسب هذه الخطة، فإنّ «الجيش الإسرائيلي يأمل أن تتولى الشرطة تطبيق الإغلاق وإعطاء التعليمات للمواطنين، لكن في حال تدهور الوضع سيتم تقسيم البلاد إلى مناطق تتولّى مسؤوليتها مقارّ قيادة عسكرية. وبذلك، ستقع مناطق كاملة تحت مسؤولية فرق عسكرية، وتعمل تحتها ألوية في المدن وكتائب في الأحياء».
وأضافت «يسرائيل هيوم» إنّ «وحدات العمليات الخاصة في شعبة الاستخبارات العسكرية تعمل على توفير أجهزة تنفس، وإنتاج آلاف الكمامات الواقية يومياً. وتعمل فرق أخرى على تطوير تطبيقات تخدم السكان، فيما تعمل وزارة الأمن على شراء أجهزة ووسائل طبية حيوية وإحضارها إلى البلاد».
من جانبه، قال المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إنّ «وزارة الصحة تعارض تدخّل الجيش وتأكيدها على أنّ هذه أزمة مدنية، وأنه ليس هناك أفضلية للجيش الإسرائيلي لمواجهة تهديد صحي بهذا الحجم».
وقال مسؤول في الجهاز الصحي للصحيفة إنّ «حماسة وزارة الأمن لتقديم مساعدة تسبّب ضرراً في بعض الحالات». وأضاف إنّ «موظفين تابعين لوزارة الأمن بدأوا بمنافسة موظفين تابعين لوزارة الصحة في شراء أجهزة تنفس وقطع غيار للأجهزة، وبذلك تسبّبوا بصعوبات أمام شراء أجهزة مناسبة».
رغم ذلك، أضاف هرئيل إنّ «للجيش الإسرائيلي، بواسطة قيادة الجبهة الداخلية، تفوّقاً على وزارة الصحة في صيانة العلاقة مع السلطات المحلية والوزارات، بفضل التدريبات اللانهائية وتجارب حقيقية في أحداث إطلاق قذائف صاروخية على الجبهة الداخلية. وفي هذه الأثناء، قدرات الجيش الإسرائيلي الهائلة لم تستخدم».
من جهته، كشف المحلل العسكري لموقع «واللا» العبري، أمير بوخبوط، أنّ سلاح الطبابة في الجيش الاسرائيلي «سيعمل على تجنيد كلّ أعضائه، ويتم توزيعهم على أماكن الإيواء كافة في تجمعات الإسرائيليين»، مُضيفاً إنّه «حتى الآن تمّ تجنيد ألف جندي احتياط، لكن الجيش قد يقرر في الأيام المقبلة تجنيد خمسة آلاف منهم، إن اقتضت الضرورة، وسيكون الدعم الذي يُقدّمه الجيش للقطاع المدني مٌتركّزاً في الجوانب الغذائية، وتوفير الأدوية للسكان، ومساعدة المسنّين، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة».
وأشار إلى أنّ «الخطة العسكرية للجيش ستضطرّه إلى التدخل بإمداد الشرطة بالقوى البشرية، بحيث يكون بجانب كل شرطي مدني جندي عسكري». وأوضح أنه «في حال وصول إنذارات أمنية ساخنة عن أحداث خطيرة حول الحدود، فإنّ الجيش سيضطرّ إلى الانصراف إلى تلك الأحداث، وفي هذه الحالة ستعمد الشرطة إلى الاستعانة بأعداد قليلة من الجيش لفرض إجراءاتها الاحترازية». وكشف النقاب أنّه «في هذه المرحلة ليس هناك خطط للاستعانة بجيش الاحتياط للعمل في خدمة الشرطة، وإنما الاكتفاء بالجيش النظامي».