تستنفر إيران قدراتها كافّة بمواجهة انتشار فيروس كورونا. البلد الواقع تحت الحصار الأميركي يبدو هذه الأيام بحاجة إلى جهد مضاعف لمجابهة تداعيات الأزمة الجديدة صحياً واقتصادياً، في وقت لا تبتعد فيه السياسة عن الاستحقاق الصحي. ولا تزال إيران في المرتبة الرابعة عالمياً في تصنيف مدى انتشار «كورونا»، مباشرة بعد إيطاليا، وقد سجّلت أمس 11 وفاة جديدة بالفيروس ليصل عدد الوفيات إلى 77، والإصابات إلى 2336 مع 835 إصابة جديدة، فيما تماثل 435 للشفاء، وفق ما أفاد به نائب وزير الصحة علي رضا رئيسي.
ظهر المرشد وهو يرتدي قفازَي الوقاية ويحثّ الإيرانيين على الالتزام بالتوصيات (أ ف ب )

وأمس، انضمّ المرشد علي خامنئي إلى حملة التوعية بالوقاية من «كورونا». وبمناسبة «يوم الشجرة»، قام خامنئي بغرس شجرتين في تقليد سنوي، وظهر وهو يرتدي قفازَي الوقاية، وحثّ الإيرانيين على الالتزام بتوصيات الحدّ من انتشار الفيروس، كما دعا إلى تضافر الإمكانات لمواجهة انتشاره. وفي حين اتهم دولاً «تفشّى فيها الوباء على نطاق أكبر» بالسعي إلى «التستّر»، أكد أن المسؤولين الإيرانيين «أبلغوا (الناس) بصدق وشفافية منذ اليوم الأول»، وقال: «بالتأكيد نتوسل إلى الله لشفاء المرضى» في الدول الأخرى. وأشاد بجهود القطاع الصحي والقوات المسلحة ومبادرات المواطنين، مشبّهاً أعمالهم بـ«الجهاد في سبيل الله». وشدد على ضرورة «التعامل مع الأزمة بحجمها الطبيعي من دون الاستهانة بها أو تضخيمها». وأضاف: «هذه الأزمة لن يطول مقامها في البلاد وستزول في النهاية، لكن التجربة التي خلقتها... بمثابة مناورة شاملة ستُسجَّل وتبقى كإنجاز». سياسياً، وفي وقت لاحق، أعلنت الوكالة التابعة للبرلمان، في تطور لافت، أن خامنئي أصدر قراراً يسمح بشكل استثنائي بالموافقة على الموازنة من دون أن يناقشها النواب، علماً بأن عدداً من هؤلاء أصيبوا بفيروس «كورونا»، وهو ما عطّل إمكانية الاجتماع.
في هذا الوقت، استمرّ السجال بين طهران وواشنطن، بعد رفض الأولى عرض مساعدة مشروطاً بمبادرة إيران إلى تقديم طلب مساعدة إلى الإدارة الأميركية، في ظلّ تقارير غربية تشكّك في شفافية السلطات، وتتحدث عن إخفاء وفاة 200 شخص، وهي تقارير نفتها إيران بشدّة. ووجّه سفير إيران لدى لندن، حميد بعيدي نجاد، أمس، اتهاماً لـ«جماعات مناوئة للثورة» باستغلال الظروف الراهنة «للوقيعة بين المسؤولين والشعب». إيران، التي كانت قد قبلت المساعدات الأوروبية على عكس تلك الأميركية، أفاد سفيرها لدى باريس، بهرام قاسمي، أمس، باستمرار التعاون مع فرنسا في مكافحة «كورونا»، مشيراً إلى أنه حضر اجتماعاً لـ«مركز إدارة الأزمة» في الحكومة الفرنسية قَدّم خلاله عرضاً لإجراءات الحكومة الإيرانية. بالموازاة، جدّد السفير الصيني لدى طهران، جانغ هوا، دعم بلاده لإيران في مكافحة «كورونا»، وقال جانغ، بعد لقائه الأمين العام لـ«الهلال الأحمر الإيراني» محمود رضا بيروي، إن علاقات البلدين «تدخل مرحلة جديدة بعد القضاء على الفيروس»، مشيراً إلى أوجه دعم الصين للجمهورية الإسلامية، ومنها إرسال مختصين تعبيراً عن «التضامن في هذا الكفاح».
في غضون ذلك، دق رئيس غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة في إيران، غلام حسين شافعي، ناقوس الخطر، متحدثاً عن احتمال «إغلاق أو إفلاس العديد من الشركات» بسبب تفشّي «كورونا»، وفق ما ورد في رسالة بعث بها إلى الرئيس حسن روحاني.