طهران | تبدأ، اليوم، الحملات الانتخابية للمترشّحين للدورة الحادية عشرة من الانتخابات البرلمانية الإيرانية، والمقرّر إجراؤها في الـ21 من شباط/ فبراير الجاري. وتنتهي الدورة العاشرة لـ«مجلس الشورى الإسلامي» في 26 أيار/ مايو 2020، إلا أنه وفقاً للقوانين الإيرانية، فإن الانتخابات التشريعية يجب أن تجرى قبل عدة أشهر من بدء الدورة اللاحقة رسمياً. ومن المقرّر أن يشغل 290 نائباً مقاعد المجلس النيابي، من 208 دوائر انتخابية في البلاد. وبالتزامن مع إقامة الانتخابات التشريعية الحادية عشرة، ستجرى الانتخابات النصفية للدورة الخامسة لـ«مجلس خبراء القيادة» الذي يتولّى مهمة تعيين القائد والإشراف عليه وعزله، في محافظات طهران وخراسان الرضوية وخراسان الشمالية وفارس وقم. وتفيد الإحصاءات بأن عدد المصوّتين في الانتخابات يبلغ 57 مليوناً و 918 ألفاً و 159 شخصاً. ومن بين هؤلاء المصوّتين 29 مليوناً و39 ألفاً و153 رجلاً، و28 مليوناً و 879 ألفاً و6 آلاف امرأة. كما تفيد الإحصاءات بأن مليونين و931 ألفاً و776 شخصاً سيُدلون بأصواتهم للمرّة الأولى بعد بلوغهم السن القانونية للتصويت. ويحظى البرلمان في إيران بصلاحيات عديدة، أهمّها المصادقة على القوانين، ومنح الثقة للوزراء وحجبها عنهم، وعزل رئيس الجمهورية، والإشراف على أداء المؤسسات المختلفة. وتقام الانتخابات التشريعية في ظلّ الاستياء من أداء حكومة الرئيس حسن روحاني، والموت السريري الذي أصاب الاتفاق النووي، وعودة العقوبات والتصعيد بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
وتأسيساً على العديد من التكهّنات، فإن الأصوليين، الناقدين للحكومة، هم الأوفر حظّاً لشغل أغلبية مقاعد البرلمان. وتُعدّ طهران، ذات الـ30 مقعداً، أهمّ دائرة انتخابية في البلاد؛ إذ يحدّد نوابها عادة التوجّهات العامة للمجلس النيابي. ويخوض الأصوليون الانتخابات من خلال قائمة بعنوان «تحالف قوى الثورة الإسلامية»، يُعدّ محمد باقر قاليباف الشخصية الرئيسة فيها. وقاليباف، الذي كان قد شغل منصب عمدة طهران ورئيس الشرطة الإيرانية سابقاً، تَرشّح لحدّ الآن ثلاث مرات للانتخابات الرئاسية، لكنه أخفق في كلّ مرة فيها. أما هذه المرة، فيخوض قاليباف، الذي ينتقد حكومة روحاني بحدّة والمقرّب من الحرس الثوري، الانتخابات البرلمانية، في وقت يقال فيه إنه الأوفر حظاً لتولي رئاسة البرلمان. من جهتهم، قدّم المقربون من الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، وكذلك أنصار آية الله محمد تقي مصباح يزدي، والذين يعرفون بالأصوليين المتشدّدين، قوائم انتخابية منفصلة. في المقابل، امتنع الإصلاحيون عن تقديم قائمة موحّدة، بسبب رفض «مجلس صيانة الدستور» أهلية عدد كبير من مرشحيهم، كما قالوا. ويمثل رأي المجلس المذكور في أهلية المترشحين - أكان في الانتخابات البرلمانية أم الانتخابات الرئاسية - أحد أكثر الأمور المثيرة للجدل في مسار إجراء الانتخابات في إيران. ويتهم الناقدون، هذا المجلس، بعدم الشفافية والتصرّف حسب المزاج، فيما يقول القائمون عليه إنهم يتصرّفون حسب الأصول ويرفضون الأشخاص الذين لا يملكون الأهلية القانونية.
خامنئي: «الحضور العارم للجماهير عند صناديق الاقتراع» يكفل أمن البلاد


ووجّه الرئيس حسن روحاني، خلال الأيام الأخيرة، ولعدة مرات، انتقادات لرفض أهلية المترشحين على نطاق واسع، وشبّه المترشحين المتبقين بكتلة من بضاعة واحدة في متجر ما بدلاً أن يكون هناك تنوّع للسلع فيه. لكن في الوقت ذاته، دعا روحاني، في مراسم الذكرى الـ41 لانتصار الثورة الإسلامية في طهران، المواطنين الإيرانيين، إلى المشاركة في الانتخابات، وقال متوجّهاً إلى الشعب: «انتقدوا، لكن لا ينتابكم الانفعال، ولا يكن خصام وزعل بينكم وبين صنادق الاقتراع». كذلك، دعا المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الشعب إلى المشاركة في انتخابات «مجلس الشورى الإسلامي»، وقال: «حتى إن لم أعجبكم أنا، فشاركوا في الانتخابات من منطلق الحرص على إيران على الأقل». ورأى أن «الحضور العارم للجماهير عند صناديق الاقتراع» يكفل أمن البلاد، وهو أهمّ حتى من القوة التسليحية والعسكرية للجمهورية الإسلامية على الصعيد الدولي. واعتبر الانتخابات «أكثر القضايا أساسية للبلاد»، واصفاً توجيه بعض الانتقادات لـ«مجلس صيانة الدستور» بأنه غير منصف، و«أكثر الأعمال خطأ»، والتي تسفر عن «تثبيط عزيمة الجماهير» والحدّ من مشاركتهم الواسعة في الانتخابات.
ويذهب الكثير من المراقبين إلى أنه حتى لو كان تمّ تأييد أهلية جميع المترشحين الإصلاحيين والمناصرين لحكومة روحاني، ففي هذه الدورة، وعلى النقيض من الدورة السابقة، لن يحالف هذا التيار الحظُّ بسبب الامتعاض الشعبي من أداء الحكومة والنواب الحاليين في البرلمان. وبالتالي، فإن الثقل الكبير للتيار الناقد للحكومة في البرلمان المقبل يمكن أن يقوّض موقع روحاني وحكومته خلال السنة المتبقية من عمرها، ويُصعّد الضغط عليها. كما أن فوز ناقديها في البرلمان ربما يؤسّس لفوزهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.