لم ينجح البرنامج الانتخابي لحزب رئيس الوزراء الهندي، ناريندا مودي، وركيزته التمييز والكراهية، في تحسين موقع «بهاراتيا جاناتا» في الانتخابات المحلية في دلهي. وفي أول اختبار انتخابي له منذ اندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة منتصف كانون الأول/ ديسمبر، على خلفية إقراره قانوناً جديداً للمواطنة ينطوي على تمييز ضدّ الأقلية المسلمة في البلاد، مُني الحزب القومي الهندوسي بخسارة كبيرة. وحقق حزب «الرجل العادي» (آم آدمي) فوزاً ساحقاً سيُمكّنه مِن ترؤّس السلطة المحلية في دلهي لخمس سنوات إضافية، بعدما تصدّر نتائج فرز 62 دائرة انتخابية من أصل 70، بحسب نتائج الفرز الجزئي لانتخابات المجلس التشريعي في العاصمة، في مقابل ثمانية مقاعد فقط للقوميين الهندوس، أي أكثر بخمسة مقاعد من عام 2015، فيما لم يحصل حزب «المؤتمر» المعارض على أيّ مقعد. الوزير الأول في دلهي، ومؤسّس حزب «الرجل العادي»، أفريند كيجريوال، رحّب بهذه النتائج، معتبراً أن «هذا الفوز يخلق شكلاً جديداً من السياسة»، يُتوقّع أن «ينقل البلد إلى القرن الحادي والعشرين». كيجريوال الذي عمل مفتّشاً للضرائب، لم يكن معروفاً لدى الرأي العام عند دخوله السياسة مع انطلاقة تظاهرات كبرى ضد الفساد في الهند عام 2011، حين كان حزب «المؤتمر» حاكماً. وشكّل الرجل مفاجأة كبرى بفوزه أواخر عام 2013 برئاسة سلطة العاصمة، إلى أن استقال بعد 48 يوماً احتجاجاً على عرقلة إصدار قانون لمكافحة الفساد. لكن حزبه، «الرجل العادي»، الذي يرمز إليه بأحرف «أأب» وتعني بالهندية «أنتم»، فاز بـ 67 مقعداً من أصل 70 في الانتخابات اللاحقة للمجلس التشريعي للعاصمة. ويحظى كيجريوال بدعمٍ كبير مِن الطبقات الشعبية التي تراه واحداً منها، وذلك بسبب مسيرته السياسية وبرنامجه المرتكز على تحسين نوعية الحياة اليومية (من كهرباء ومياه ونقل عام).
سيرأس حزب «الرجل العادي» السلطة المحلية في دلهي لخمس سنوات إضافية

وفي مساعيه لاستعادة السيطرة على العاصمة، خاض حزب «بهاراتيا جاناتا» حملة عنيفة ليصل الأمر ببعض مسؤوليه إلى أن يصفوا كيجريوال بـ«الإرهابي» المتعامل مع باكستان. لكن ناريندرا مودي كتب في أعقاب صدور النتائج: «أتمنّى (لحزب الرجل العادي) الأفضل لكي يحقّقوا آمال شعب دلهي». ويعتبر الأكاديمي يوغندرا ياداف، الذي غادر «حزب الشعب» في عام 2015، أن هزيمة «بهاراتيا جاناتا» تترجِم الرفض لخطاب مودي وحزبه العدائي الذي «أخطأ بحساباته الانتخابية بخوضه حملة قائمة على التمييز والكراهية».
في موازاة ذلك، يستقبل ناريندا مودي في دلهي، يومَي 24 و25 الجاري، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي ستشمل زيارته، إضافة إلى العاصمة، ولاية غوجارات الواقعة في غرب البلاد والتي ينحدر منها رئيس الوزراء الهندي. وبحسب بيان الرئاسة الأميركية، فإن الزعيمين اتّفقا خلال مكالمة هاتفية في نهاية الأسبوع الماضي على أن هذه الزيارة «ستعمِّق الشراكة الاستراتيجية بين الهند والولايات المتحدة، وستسلّط الضوء على الروابط القوية والدائمة بين الشعبين الأميركي والهندي». ويشترك الرئيس الجمهوري ورئيس الوزراء القومي في أمور عدّة، من بينها وصولهما إلى السلطة على صهوة وعودٍ متشابهة إلى حدّ ما، وتقديمهما نفسيهما على أنهما آتيان من خارج الطبقة السياسية لإعادة العظمة إلى بلديهما. وفي أيلول/ سبتمبر الفائت، حضر الرئيس الأميركي تجمّعاً كبيراً أقيم في هيوستن (تكساس) في جنوب الولايات المتحدة تكريماً لرئيس الوزراء الهندي. واعتُبرت هذه البادرة، غير العادية من جانب ترامب، يومها، علامة على الصداقة التي تجمعه بمودي، لكنّها اعتُبرت أيضاً وسيلة من الرئيس، الذي يخوض حملة إعادة انتخابه، لمحاولة التقرّب من الشتات الهندي في أميركا، والبالغ عديده أربعة ملايين نسمة، ويُعدّ من الأكثر ولاءً للحزب الديموقراطي.