في أول دفاع تفصيلي شامل قبيل بدء محاكمته في مجلس الشيوخ اليوم، رأى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن مساءلته هي «نتاج عملية زوّرها الديمقراطيون»، معتبراً أنه «لا بدّ من رفضها في محاكمة مجلس الشيوخ». ودعا ملخّص تنفيذي لإفادة ترامب نُشر أمس، مجلس الشيوخ الذي يقوده الجمهوريون، إلى تبرئة الرئيس على وجه السرعة من تهمتين كان أقرّهما مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون. ووصف الملخّص التهمتين المذكورتين بأنهما «إهانة للدستور ومؤسساتنا الديمقراطية»، عادّاً وخصوصاً تهمة تعطيل عمل الكونغرس «سخيفة وخطيرة». إلا أنه من غير المتوقّع أن يستجيب الجمهوريون لمطالبة محامي ترامب برفض المحاكمة، بالنظر إلى أن فكرة الرفض لن تنال الأغلبية المطلوبة، بينما يتوقع أن تجري تبرئة الرئيس بأصوات غالبية أعضاء مجلس الشيوخ.وقبل أيام، تقدّم طرفا القضية بحججهما، بينما برزت نقاشات حامية بين الجمهوريين والديمقراطيين في وسائل الإعلام الأميركية. وقدّم الفريق القانوني للرئيس الأميركي الـ45، والثالث في تاريخ الولايات المتحدة الذي يواجه إجراءات مماثلة، مساء السبت، الردّ الأول على لائحة الاتهام المشتملة على إساءة استعمال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس. وندّد محاميا الرئيس، جاي سيكولو وبات سيبولوني، في متن الردّ، بما اعتبراه «هجوماً خطيراً على حق الأميركيين في اختيار رئيسهم بحرية». وقال المحاميان إن «نص الاتهام غير دستوري، ويجب أن يُردّ، ولا يتضمّن أيّ جريمة أو انتهاك للقانون». كما فنّدا الاتهامات المُوجّهة إلى ترامب، معتبرين أن الأخير تصرّف ضمن صلاحياته الدستورية بالضغط على الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، العام الماضي، للتحقيق في شأن المنافس المحتمل للرئيس جو بايدن وابنه هانتر ضمن ما يقول ترامب إنها حملة لمكافحة الفساد. ورأى أستاذ القانون العام، آلان درشوفيتز، الذي ضمّه الفريق الرئاسي إلى هيئة الدفاع، أنه حتّى لو جرى إثبات أن نزيل البيت الأبيض سعى فعلاً إلى مساومة كييف على مساعدات عسكرية مقابل نشرها مسبقاً نتائج تلك التحقيقات، فإن ذلك «ليس جريمة». وأشار درشوفيتز، أول من أمس عبر قناة «إيه. بي. سي.»، إلى أن «سوء استعمال السلطة ليس مبرّراً دستورياً للعزل»، مُذكّراً بأن «نصف الرؤساء الأميركيين، من آدامز حتى جفرسون، ومن لينكولن حتى روزفلت، اتّهمهم خصومهم السياسيون بأنهم أساؤوا استعمال السلطة».
هذه «الحجّة» سرعان ما تلقّفها بسخرية النائب الديمقراطي، آدم شيف، الذي سيكون المدعي العام في مجلس الشيوخ، واصفاً إياها بأنها «الشيء الجديد الوحيد في الدفاع عن الرئيس». وقال شيف، في مداخلة عبر «إيه. بي. سي.»: «إذا اتّبعنا هذا المنطق السخيف، فسيكون بمقدور الرئيس حينها منح ولاية ألاسكا» لطرف أجنبي. وأضاف أن سوء استعمال السلطة كان «في صلب ما اعتبر آباء الدستور أنه يستوجب العزل». وجاء كلام شيف في وقت قدّم فيه الأعضاء الديمقراطيون في مجلس النواب حججهم يوم السبت، داعين مجلس الشيوخ إلى «إزالة التهديد الذي يشكله الرئيس على الأمن القومي».
في غضون ذلك، انطلق سجال آخر حول مدة وإجراءات المحاكمة التي كانت قد بدأت رسمياً، الخميس، بأداء أعضاء مجلس الشيوخ اليمين بأن يكونوا غير منحازين. وتطالب المعارضة باستدعاء أربعة شهود رئيسين، بينهم كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني، ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون. غير أن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، الذي يؤكد أنه على «تنسيق تام» مع البيت الأبيض، يبدو راغباً في إمرار المحاكمة من دون شهود، وألا تتعدّى مدّتها الأسبوعين، وهو ما يرى شيف أنه سيجعل المحاكمة «صورية».
من جهته، قال عضو مجلس الشيوخ القريب من ترامب، الجمهوري ليندسي غراهام، عبر قناة «فوكس نيوز»: «أريد أن يتم الانتهاء من هذه المحاكمة في أسرع وقت». وأضاف: «أريد أن يختار الشعب الأميركي رئيسه المقبل، لا محكمة عزل». ولدى سؤاله عن تطلّعات ترامب، أجاب بأنه «يأمل أن يتمكن الرئيس من إلقاء خطاب حالة الاتحاد والحديث عمّا يريد فعله في عام 2020 والسنوات الأربع المقبلة». وتَحدّد موعد هذا الخطاب في 4 شباط/ فبراير المقبل، أي بعد أسبوعين من بدء الجلسات.
(رويترز، أ ف ب)