عادت السعودية إلى العمل على تسعير الأزمة بينها وبين إيران، مستخدمة مختلف الوسائل المتاحة أمامها، التي اعتمدت في سياقها، أمس، على تصريحات مسؤولين في وزارة الخارجية، بالتوازي مع مقابلة وزير الخارجية عادل الجبير مع "رويترز" ومقال له في "نيويورك تايمز"، تضمنت بمجملها هجوماً غير مسبوق على إيران. وتناقض الرياض، بذلك، كافة جهود التهدئة، التي تدخل في إطارها زيارة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف لطهران، أمس، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس للرياض، التي كان قد صرّح بأنها تأتي للهدف ذاته، فيما استقبلت طهران هذه الجهود بإرسال مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية عباس عراقجي إلی جدة، للمشارکة في الاجتماع الطارئ لمنظمة "التعاون الإسلامي"، الذي يعقد بطلب من السعودية لدراسة قضية حادث السفارة والقنصلية السعودية في إيران.
وقد جدد الجبير، أمس، تصريحاته التي يتهم فيها إيران بـ"دعم للإرهاب"، مؤكداً في مقال في صحيفة "نيويورك تايمز" أنها "لم تتغير منذ الثورة الإسلامية". وقال إن "العالم يشاهد إيران، وهو يبحث عن أمارات التغيير"، آملاً أن تتطور مما وصفه بـ"الحالة الثورية المارقة" إلى "عضو محترم في الجماعة الدولية". وأضاف: "لكن إيران بدلاً من أن تواجه العزلة التي خلقتها لنفسها، اختارت أن تغطي سياساتها الطائفية والتوسعية الخطرة، بالإضافة إلى دعم الإرهاب، وتوجيه تهم لا أساس لها ضد السعودية". وأكد الجبير أن "السعودية وحلفاءها من دول الخليج ملتزمة مقاومة التوسع الإيراني، والرد بقوة على أفعال إيران العدوانية".
جدد الجبير
تصريحاته التي
يتهم فيها إيران بـ«دعم الإرهاب»

ورأى الجبير أن "سلوك الحكومة الإيرانية ثابت منذ قيام الثورة الإيرانية، عام 1979، والدستور الذي اعتمدته إيران ينص على تصدير الثورة". وقال إنه "نتيجة لذلك دعمت إيران الجماعات المتطرفة، بما فيها حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والميليشيات الطائفية في العراق"، معتبراً أن "دعم الأسد من إيران وحزب الله، سبّبا ازدهار داعش".
وبموازاة ذلك، اعتبر الجبير في مقابلة مع وكالة "رويترز" أن رفع العقوبات عن إيران، بعد الاتفاق النووي، سيعد تطوراً سلبياً إذا استخدمت طهران المال لتمويل "أنشطة شائنة".
تأتي تصريحات الجبير في وقت نقلت فيه وكالة الأنباء الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية اتهامه إيران بأنها تثير "الفتن والقلاقل والاضطرابات" في الشرق الأوسط. وقال هذا المسؤول إن السعودية مارست "سياسة ضبط النفس طوال هذه الفترة، رغم معاناتها ودول المنطقة والعالم المستمرة من السياسات العدوانية الإيرانية". وأشار إلى أن السياسة الإيرانية "استندت إلى مبدأ تصدير الثورة، في انتهاك سافر لسيادة الدول والتدخل في شؤونها الداخلية، تحت مسمى نصرة الشعوب المستضعفة والمغلوبة على أمرها". كذلك اتهم طهران بـ"تجنيد الميليشيات في العراق ولبنان وسوريا واليمن، والدعم المستمر للإرهاب".
في غضون ذلك، التقى رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في طهران كلاً من النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، والرئيس حسن روحاني، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، وذلك في إطار جهود التهدئة التي تقودها باكستان والتي بدأها شريف بزيارة للرياض، أول من أمس.
وخلال استقباله شريف، تطرّق روحاني إلى هذه الجهود، موضحاً أن إيران "تعمل دائماً علی تعزيز علاقاتها مع الدول، وتتجنّب أي توتر في العلاقات، بشرط مراعاة حقوق شعوب المنطقة والمسلمين، وأن يكون التعامل معها في إطار القواعد الدبلوماسية". وقال إنه "نظراً للظروف الإقليمية والإسلامية الراهنة، هناك حاجة إلی تأسيس تحالفات تضطلع بدور فاعل في إنماء بلدان العالم الإسلامي، وتعمل علی ازدهارها".
من جهته، أشار شمخاني إلى "حضور الأشرار والجماعات المسلّحة علی الحدود الإيرانية ــ الباکستانية"، وقال إن "انعدام الأمن يأتي ضمن مخططات الأجهزة الاستخبارية لبعض الدول".
(الأخبار، رويترز)