كشفت بيانات صادرة عن وزارة الداخلية الإسرائيلية أن 14% فقط من الذين تلقّوا الجنسية في السنوات الماضية بموجب «قانون العودة» هم من اليهود مقابل 86% من غير اليهود، بين «لا دينيين» أو من معتقدات أخرى. في التفصيل، تذكر صحيفة «يديعوت أحرنوت» التي نشرت المعطيات أنه من بداية 2012 إلى نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2019، قدِمَ إلى فلسطين المحتلة 179.849، 25.375 منهم من اليهود، في حين أن 154.474 من غير اليهود. ومعنى ذلك أن ستة من كل سبعة «مهاجرين» غير معترف بهم من السلطات المدنية التابعة لـ«الداخلية» أنهم يهود وفقاً لنصوص وقواعد الشريعة اليهودية، كما تفرضها الحاخامية في إسرائيل. وفقاً لبيانات الوزارة نفسها، يُظهر التقسيم حسب البلدان التي قدموا منها أن الروس والأوكرانيين، الذين يتصدرون القائمة، هم الأكثر تمايزاً لجهة الابتعاد عن اليهودية، إذ جاء من روسيا 52337 من بينهم 4.3% فقط من اليهود، أي واحد من كل 25. أما من أوكرانيا، فكانت نسبة اليهود 8% من العدد الكلي 37958. وفي المرتبة الثالثة، كان اليهود القادمون من فرنسا 27% من 28676. وحلّت الولايات المتحدة في المركز الرابع، مع نسبة 30% من اليهود من 18272.ومن أهم السلبيات في «قانون العودة» الإسرائيلي تبنيه العملي للتفسير الموسّع غير الخاضع للشريعة اليهودية الارثوذكسية السائدة في إسرائيل لمن يحقّ له «الهجرة» إليها. وإن لم يأتِ القانون على الحسم في مسألة «من هو اليهودي»، التي تعد إشكالية جداً وذات تعقيدات يتداخل فيها الوجه القومي للجماعات اليهودية ووجه الاعتقاد الديني، فإنه أتاح، خلافاً للشريعة اليهودية، لغير اليهود المجيء إلى فلسطين المحتلة. وطبقاً للشريعة اليهودية الأرثوذكسية، اليهودي هو من كانت أمه يهودية. وبخلاف ذلك، لا يُعد يهودياً حتى إن كان أبوه دون أمه يهودياً. ويجب على الآخر، من غير هذا التحديد، أن يتهوّد ضمن مسار لا يخلو من صعوبات وربما عراقيل، وإلا عدّ ضمن «اللادينيين»، علماً أن الحاخامية ترفض تعريف أي شخص أنه يهودي كان قد تهوّد في الخارج على أيدي المذاهب غير الأرثوذكسية، من الإصلاحيين والمحافظين، وهم الغالبية الساحقة من اليهود في الولايات المتحدة الذين يفوق عددهم اليهود في فلسطين المحتلة نفسها.
ويتيح «قانون العودة» الصادر عام 1950، وتعديلاته اللاحقة، ولا سيما تعديل 1970، واجتهادات المحاكم الإسرائيلية، «الهجرة» إلى فلسطين المحتلة (معطوفاً عليها قوانين أخرى) لكل ابن او ابنة يهودي، وزوج اليهودي، وكذلك الحفيد والحفيدة، وزوج الابن والبنت وزوج الحفيد والحفيدة. بالطبع، كما ورد هنا، لا يوجد خلاف على إعطاء الجنسية الإسرائيلية بموجب النصوص القانونية والاجتهادات، لكن الخلاف برز إزاء من هو اليهودي من بين الذين استحقوا الجنسية، الأمر الذي يؤدي إلى تعقيدات، أولاً شخصية بما يرتبط بغير المعترف بيهوديتهم، لجهة الأحوال الشخصية والزواج والطلاق والوصاية وغيرها، الأمور التي تتحكم بها الحاخامية الأرثوذكسية، ما يعني أن مئات الآلاف ممن أتوا بحكم القانون، ويتزايد عددهم نتيجة التكاثر الطبيعي والقدوم المستمر، ليسوا جزءاً من النسيج العام الجامع لليهود في فلسطين المحتلة، ومحرومون من الحقوق المدنية الأساسية، علماً أنهم أيضاً من ناحية استراتيجية ترتبط بهوية الدولة يؤثرون سلباً في مجمل المعادلة الديموغرافية لإسرائيل، بين الغالبية اليهودية للسنوات المقبلة، والأقليات الأخرى غير اليهودية.