لندن | في عام 1215، قامت الثورة السياسية الأولى في العالم الغربي في إنكلترا، عندما أُجبر الملك جون على التخلّي عن بعض صلاحياته، واضطر إلى توقيع وثيقة الـ«Magna Carta»، التي استُتبعت في عام 1265 بتأسيس برلمان غير منتخب. وفي منتصف القرن الرابع عشر، أصبح البرلمان مؤسسة حكومية تشارك الملك في تحديد الضرائب، بعدما كان الملك يحدّدها منفرداً، وكان ذلك الحدث مناسبة لإطلاق لقب «أمّ الديموقراطيات» على إنكلترا. في عام 1649، تحوّلت إنكلترا إلى جمهورية بقيادة أوليفر كرومويل بعد إعدام الملك تشارلز الأول، واستمرّت الجمهورية حوالى سبع سنوات تأسّس خلالها حزبا الـ«Whigs» والـ«Tories»، وأعيد حكم الملكية من بعدها إلى حين نشوب الثورة الاقتصادية (1688)، التي أدخلت تحولات في نمط الإنتاج وأعادت توزيع الثروة. عيّن البرلمان ملكاً جديداً هو زوج ابنة الملك المخلوع جيمس الثاني، وهو وليم البرتقالي (William of orange) الهولندي، واشترط عليه توقيع مجموعة وثائق (bill of rights) تَحوّل بموجبها الحكم إلى البرلمان، وتقلّصت صلاحية الملك بشكل كبير. واستمرّ الأمر على هذه الحال حتى عام 1760، حين قامت الثورة الصناعية التي استمرت حوالى ثمانين عاماً، والتي انتقلت إلى أوروبا وإلى بقية القارات.
تداول «المحافظون» و«الأحرار» السلطة منذ القرن السابع عشر حتى الربع الأول من القرن العشرين

خلال كلّ تلك الحقبات، قامت أحزاب متعددة الاتجاهات، وتشكلت خريطة واسعة حتى يومنا هذا. ولعب حزبا الـ«Whigs» (الأحرار أو Liberal party لاحقاً) والـ«Tories» (المحافظون أو Conservatives لاحقاً) دوراً كبيراً في الأحداث التي شهدها القرن السابع عشر؛ فالـ«Whigs» كانوا من أنصار الملكية الدستورية، في مقابل الـ«Tories» الذين تخندقوا مع الملكيين. وكان لحزب «الأحرار» فضل كبير في إنتاج الديموقراطية والمشاركة الشعبية. في عام 1850، تحوّل «Whigs» إلى حزب «الأحرار»، الذي سيطر على الحكم في بريطانيا في معظم الفترات في القرن الثامن عشر، ومن مرتكزاته السياسية الفكرية الحرية الفردية التي ساعدت على تحرير طاقات الأفراد الفكرية والإبداعية، التي أسهمت في نهضة المجتمع على جميع الصعد العلمية والاقتصادية، ما أسهم في تحسين مستوى المعيشة والصحة والتعليم. كما عمل «الأحرار» جاهدين على تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية للتقدّم نحو دولة الرفاه.
تداول «المحافظون» و«الأحرار» السلطة منذ القرن السابع عشر حتى الربع الأول من القرن العشرين، حيث برز حزب «العمّال» وحلّ محل «الأحرار» في عملية تداول السلطة. وهو حزب فرض قانونُ الاقتراع أن يتمثل بعدد من المقاعد لا يتناسب مع حجم شعبيته الكبيرة.

الأحزاب الرئيسة الحالية
«المحافظون»
تحوّل حزب «Tories» إلى حزب «المحافظين» في عام 1834، وهو يعتبر الحزب الأقدم في التاريخ، إلى جانب حزب «الأحرار». يرفع «المحافظون» راية المحافظة على الاتحاد المكوِّن لبريطانيا (إنكلترا، اسكتلندا، ويلز وإيرلندا)، كما يدعو إلى تقليص الهجرة إلى بريطانيا، في مقابل زيادة المساعدات للقوات المسلّحة وعوائلها. فضلاً عمّا تقدّم، يدعم الحزب الاحتفاظ بالقوة النووية (أصرّت مارغريت تاشر على إنتاج غواصات مزوّدة بصواريخ نووية على رغم كلفتها العالية، ووجود معارضة كبيرة من الأحزاب الأخرى). ويدافع «المحافظون» عن العمل بموجب قانون الانتخاب الحالي من دون تطويره بما يحقّق التمثيل الصحيح للشعب البريطاني. فوفقاً للنظام الأكثري المعتمد حالياً، قد يحصل حزبٌ ما على 25٪ من الأصوات من مجموع عدد المقترعين، ولا ينجح في كسب سوى 40 مقعداً كما حدث مع حزب «الأحرار» في تسعينيات القرن الماضي، أو حزب الـ«ukip» في انتخابات عام 2015، حين حصل على 14٪ من الأصوات وفاز بمقعد واحد. كان لدى «المحافظين» 311 نائباً في مجلس العموم. وبعد مجيء رئيسه الحالي جونسون، وتعهّده بالخروج من أوروبا من دون اتفاق إذا لم يُوفّق في الحصول على اتفاق، وبعد إغلاقه للبرلمان، تدنّى هذا العدد إلى 290، نتيجة تصويت حوالى 21 نائباً ضد الحكومة في الجلسات التي عُقدت أخيراً.

«العمّال»
تأسّس حزب «العمّال» في عام 1900، وتم تشكيله من النقابات العمالية والديموقراطيين الاشتراكيين بهدف تمثيل مصالح الطبقة العاملة في بريطانيا وحاجاتها. يتبنّى الحزب تدخلاً أكبر للدولة في ما يتعلّق بالعدالة الاجتماعية وتعزيز حقوق العمّال. ومن أهمّ إنجازاته توسيعه قاعدة دولة الرفاه، وإنشاء الضمان الصحي (NHS) الذي أمّن التغطية الصحية الكاملة لكلّ مواطن. في آخر البرلمان السابق، كان حزب «العمال» يملك 247 نائباً.

«الحزب الوطني الاسكتلندي»
تمَّ تأسيس الحزب في عام 1934، وهو حزب يسار وسط. في بدايات تأسيسه، كان مطلبه تحقيق حكم محلّي (devolution)، وحقق ذلك في عام 1997 عبر استفتاء عام، وبعدها تحوّل إلى المطالبة بالاستقلال عن بريطانيا عبر إجراء استفتاء للاسكتلنديين. جرى الاستفتاء في عام 2014، وجاءت نتائجه مخيّبة لآمال الحزب وتطلعاته، إذ صوّت ما يزيد على 55% ضد الاستقلال. مع ذلك، فاز الحزب بعدد ساحق من المقاعد بلغ 54 مقعداً في مجلس العموم في الانتخابات العامة في عام 2015، من أصل 59 مقعداً مخصّصاً لاسكتلندا، بينما تدنّت حصته من المقاعد في الانتخابات العامة في عام 2017 إلى 35 مقعداً.

«الحزب الوحدوي الديموقراطي» الإيرلندي (UDP)
تأسّس في عام 1971، وهو يمثل مصالح البروتستانت، ويؤيد بقاء المملكة المتحدة متماسكة. الحزب كان ممثلاً بعشرة نواب في مجلس العموم في الانتخابات السابقة.

حزب الـ«شين فين»
هو الجناح السياسي لـ«الجيش الجمهوري الإيرلندي» (IRA) الذي حارب الوجود الإنكليزي لعقود من الزمن، ويمثل مصالح الكاثوليك، كما يسعى إلى وحدة جزيرة إيرلندا. كان ممثلاً في مجلس العموم بسبعة نواب، إلا أنه لا يشارك في جلسات المجلس.

«الحزب الويلزي» (plaid cymru)
حزب ديموقراطي اشتراكي، تأسّس في عام 1925 للمطالبة باعتماد اللغة الويلزية واستقلال ويلز عن بريطانيا. كان يمثله أربعة نواب في مجلس العموم وعشرة نواب من أصل ستين مقعداً في مجلس النواب الويلزي، وهو يؤيد البقاء في أوروبا.

حزب «بريكسيت» (brexit)
تأسّس في عام 2019 بهدف خوض انتخابات البرلمان الأوروبي، وحصل على أعلى نسبة من أصوات البريطانيين بلغت أكثر 31٪.

«مجموعة المستقلين للتغيير»
تشكّلت في عام 2019 من نواب تركوا حزبي «العمّال» و«المحافظين»، استنكاراً لأداء الحزبين في موضوع «بريكسيت» (brexit).