أفضت ضغوط الكونغرس الأميركي، إلى اتخاذ «البنتاغون» قراراً علَّق بموجبه، مؤقتاً، كل عمليّات التدريب الجارية على الأراضي الأميركية لعسكريين سعوديين. قرارٌ جاء بعدما قتل الملازم السعودي المتدرّب، محمد الشمراني، ثلاثة عسكريين أميركيين في قاعدة بينساكولا الجوية التابعة لسلاح البحرية في فلوريدا، في عمليّة رفض وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، وصمها بـ«الإرهاب»، برغم عدم توصّل التحقيقات الجارية إلى أيّ خلاصة من شأنها تحديد دوافع المُرتَكِب. وأفاد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية، بأنّ تدريب العسكريين السعوديين سيُستأنف حالما تنتهي عملية مراجعة الإجراءات الأمنية المتّبعة والتحقّق من سوابق كل العسكريين الأجانب الذين يتمّ تدريبهم حالياً في الولايات المتحدة. بدوره، قال مسؤول آخر في «البنتاغون» إنّ مراجعة الإجراءات التي أمر بها نائب وزير الدفاع، ديفيد نوركويست، ينبغي أن تستغرق ما بين 5 و10 أيام. وفي رسالة وجّهها إلى قادة القطعات العسكرية الأميركية المعنيين، أشار نوركويست إلى أنّ الرياض «وافقت» على هذا الإجراء، وأن «الوزارة على تعاون وثيق مع الحكومة السعودية للردّ على هذه الحادثة». سبق ذلك، إعلان البحرية الأميركية تعليق برامج تدريب 303 عسكريين سعوديين يتدرّبون حالياً في ثلاث قواعد بحرية في ولاية فلوريدا، هي: بينساكولا وويتينغ فيلد ومايبورت.
وفيما تعذّر على مسؤولي «البنتاغون» تحديد العدد الإجمالي للعسكريين السعوديين الذين يتم تدريبهم على الأراضي الأميركية، أشار هؤلاء إلى أنّ عدد العسكريين الأجانب الذين يخضعون للتدريب في عموم القواعد العسكرية الأميركية، يناهز خمسة آلاف عسكري سيتأثّرون جميعاً بالتغييرات التي ستطرأ على الإجراءات الأمنية المتّبعة.
يُستأنف تدريب السعوديين حالما تنتهي عملية مراجعة الإجراءات الأمنية المتّبعة


وسلّط هجوم فلوريدا، مجدداً، الضوء على المسار الذي يحكم العلاقات الأميركية ــ السعودية في ظل حرص الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على الحفاظ على دفء العلاقات مع الرياض، وسط تصاعد التوتر مع إيران. كذلك، أثارت حادثة يوم الجمعة الماضي، تساؤلات عن علاقة الجيش الأميركي الذي يصرّ على تصوير واقعة فلوريدا بأنها مسألة محدودة لن تؤثّر في العلاقات بين البلدين. أما في الكونغرس، حيث تخضع الرياض لتدقيق كبير بسبب عدوانها على اليمن وجريمة اغتيال جمال خاشقجي، اعتبر السناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، أن برنامج تدريب العسكريين السعوديين في الولايات المتحدة «يجب تعليقه» إلى حين جلاء كل ملابسات هجوم بينساكولا. وقال إن «السعودية حليف، لكنّ هناك شيئاً خاطئاً بشكل أساسي هنا. نحتاج إلى إبطاء هذا البرنامج وإعادة تقييمه». كذلك، دعا عضو جمهوري آخر، هو مات غايتس الذي يمثل في مجلس النواب ولاية فلوريدا حيث وقع الهجوم، إلى «إيقاف البرنامج مؤقّتاً». غير أنّ وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، دافع عن أهمية مثل هذه البرامج التدريبية، مبرراً ذلك بالقول إن «لدينا شيئاً لا يملكه خصومنا المحتملون مثل روسيا والصين»، وأضاف أنّ «القدرة على جلب الطلاب الأجانب إلى هنا للتدرّب معنا، لفهم الثقافة الأميركية، هو أمر مهمّ للغاية بالنسبة إلينا من أجل بناء هذه العلاقات الطويلة الأجل التي تسهم في أمننا».