كما كان متوقّعاً، لم تخرج القمّة الرباعيّة حول أوكرانيا، والتي انعقدت في باريس أول من أمس، وجَمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بحلول جذرية من شأنها إنهاء النزاع في إقليم دونباس الشرقي. إلا أنها انتهت إلى التوافق على بعض تدابير خفض التصعيد، محيلةً المسائل الشائكة المرتبطة بوضع المنطقة إلى المحادثات المستقبلية، والتي حدّد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، انعقادها في غضون الأشهر الأربعة المقبلة.المحادثات التي عُقدت برعاية ماكرون وحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلصت إلى التزامات محدّدة، اتفقت بموجبها موسكو وكييف على تبادل جميع السجناء بحلول نهاية العام الجاري. وقال زيلينسكي، في المؤتمر الصحافي الذي جمع «رباعي النورماندي»، إن الأطراف «ستعمل على الإفراج المتبادل قبل 31 كانون الأول/ ديسمبر عن السجناء»، وفقاً لمبدأ «الجميع مقابل الجميع». وجدّد البيان الختامي الصادر عن الرباعي التزام الأطراف «بوقف كامل وشامل لإطلاق النار، وتعزيزه بتنفيذ جميع إجراءات الدعم الضرورية لوقف النار قبل انتهاء عام 2019»، والاتفاق في شأن ثلاث مناطق إضافية في شرق أوكرانيا «بهدف فكّ ارتباط القوات والمعدّات بحلول نهاية آذار/ مارس 2020». لكن القمة الثنائية لم تسفر عن أيّ اتفاق نهائي في شأن تمديد عقد ترانزيت الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية إلى أوروبا، والذي ينتهي في 31 كانون الأول/ ديسمبر الجاري. وفي هذا الإطار، قال زيلينسكي: «خلال اللقاء الثنائي مع الرئيس الروسي، ناقشنا هذه النقطة. أعتقد أننا قمنا بخطوات مهمة في هذا المجال».
بوتين: روسيا ستبذل كلّ ما في وسعها حتى ينتهي هذا النزاع


وفيما أشاد المضيف الفرنسي بالتقدّم الذي تمّ إحرازه بعد محادثات استمرت ثماني ساعات في قصر الإليزيه لإنهاء النزاع في الشرق الأوكراني، رأى بوتين أن القمة تشكّل «خطوة مهمة» نحو خفض التصعيد في أزمة شرق أوكرانيا، لافتاً إلى أن «العملية تسير في الاتجاه الصحيح»، مؤكداً أن «روسيا ستبذل كلّ ما في وسعها حتى ينتهي هذا النزاع». بدوره، أعرب زيلينسكي عن أسفه لتحقيق نتائج قليلة جداً على حدّ وصفه، قائلاً إنه «تمّت معالجة تساؤلات عدة، ونظرائي قالوا إنها نتيجة جيدة جداً بعد لقاء أول. لكنني سأكون صريحاً، إنه قليل جداً، فقد أردت حلّ عدد أكبر من المشاكل».
وفي إشارة إلى الحاجة إلى مزيد من المباحثات، أعلن ماكرون، من جهته، أن قمة جديدة تجمع بلاده وألمانيا وأوكرانيا وروسيا ستنعقد في غضون أربعة أشهر. وقال في المؤتمر الصحافي المشترك الذي أعقب القمة: «طلبنا من وزرائنا العمل خلال الأشهر الأربعة المقبلة بغية تنظيم انتخابات محلية، وبهدف عقد قمة جديدة».
ووسط صمت أميركي لافت، رحّب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، يوم أمس، بـ«التقدم» الذي أحرزته قمة باريس، معتبراً إياه «خطوة أولى نحو الحل». لكن المسؤول الأوروبي استبعد أن تُرفع فوراً العقوبات التي فرضت على روسيا، منبّهاً، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إلى أنه «من دون حلّ (قضية أوكرانيا)، لن تتغير عقوبات الاتحاد الأوروبي في حقّ روسيا». وقال لودريان: «لقد بدأنا منطقاً ايجابياً»، مشدداً على «وجوب ترجمة هذا التقدّم بشكل ملموس بإشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا».