تتّجه إسرائيل، بخطًى ثابتة، نحو انتخابات جديدة لـ«الكنيست»، هي الثالثة على التوالي في عام واحد. هذا ما تشي به مواقف الأطراف وفشل مساعيهم في إيجاد تسويات، قبيل أيام على انتهاء إمكانية تشكيل الحكومة عبر «الكنيست»، عن طريق تأمين لائحة من 61 عضواً تؤيد تكليف أحدهم بالمهمة. وعلى رغم الحديث عن مخارج نظرية، تهدف على ما يبدو إلى تأجيل استحقاق الانتخابات ما أمكن، إلّا أن فرص النجاح محدودة جداً، ما لم يحدث انقلاب في مواقف الأطراف أو انشقاقات يتعذّر التسبّب فيها حتى الآن. وتبدو جهود كلّ طرف متركزة على تحميل خصمه مسؤولية فشل التسويات، وإقناع عامة الإسرائيليين بأن منافسه هو الذي يتسبّب في انتخابات لا يريدونها. وإن كانت عدّة أحزاب تخشى الانتخابات و«انتقام» الناخب، إلا أن هذه الخشية لم تصل إلى الآن حدّ الدفع نحو تنازلات، وتحديداً من قِبَل حزب «الليكود» برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي يدرك أن التراجع تهديد وجودي، من شأنه إسقاطه سياسياً وشخصياً.وانشغلت إسرائيل، أمس، بـ«جهود الساعات الأخيرة»، كما عبّرت عنها وسائل الإعلام العبرية، لإيجاد مخارج، من بينها لقاءات بين ممثلين عن «الليكود» وآخرين عن «أزرق أبيض»، ضمن مساعٍ يرعاها رئيس «الكنيست» يولي إدلشتاين، لجسر الهوة بين الجانبين، لكن من دون نجاحات تذكر. في الوقت نفسه، جاء حديث مصادر في محيط رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، عن استعداد الأخير للتوقيع على لائحة تقضي بتكليف أحد أعضاء «الكنيست» تشكيل الحكومة، ليشكل دليلاً إضافياً على فشل التسويات ومحدودية نجاحها اللاحق في الأيام العشرة المتبقية على مسار تشكيل الحكومة عبر «الكنيست». وإن كان الطرفان، «الليكود» و«أزرق أبيض»، سعيا أمس إلى تأمين توقيع 61 عضواً، إلا أنه تعذّر عليهما النجاح. أما ليبرمان، صاحب القدرة على إنجاح أيّ لائحة إن ضمّنها توقيع نوابه، فهو يريد، من خلال طرحه المتقدم، تمديد فترة الانتظار أسبوعين إضافيين عبر تكليف أيّ عضو «كنيست»، طالما أنه غير مجبر قانوناً على تأييده الفعلي لاحقاً. والهدف من ذلك، على ما يبدو، تحسين وضعه الانتخابي، من خلال تظهير نفسه أمام الناخب الإسرائيلي على أنه هو الذي تسبّب في تأجيل الانتخابات الثالثة 15 يوماً إضافياً، فيما الآخرون واصلوا رفض التسويات. وكان وفدا التفاوض عن «الليكود» و«أزرق أبيض» أفادا، بعد اجتماعهما برعاية أدلشتاين أمس، بعدم إحراز أيّ تقدم، على رغم أن اللقاء استمرّ ثلاث ساعات: ساعة مع رئيس «الكنيست»، وساعتين بلا وسيط بين الوفدين. ووفقاً لوسائل الإعلام العبرية، فإن عدداً من المتحاورين كان يخرج بين الحين والآخر ليعبّر بسخرية عمّا يدور في الغرفة من نقاشات.
في المحصّلة، وبعد عشرة أيام من الآن، تنتهي المهلة الممنوحة لـ«الكنيست» لتشكيل الحكومة، أي إيجاد مرشح للتكليف يوافق عليه 61 عضواً، وإن حصل ذلك فعلاً فيُعطى 15 يوماً للتشكيل. أما الفشل في تأمين لائحة التوقيعات، فيعني أن الانتخابات الثالثة باتت واقعاً لا يمكن منعه، إذ يتقرّر تلقائياً أن تجري بعد 90 يوماً، أي في آذار/ مارس من العام المقبل.