بعدما أخفقت المناورات الانتخابية والحكومية لبنيامين نتنياهو مع صدور لوائح الاتهام ضدّه وتصعيد الضغوط عليه، لجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الشارع اليميني للضغط على المؤسستين القضائية والسياسية. وتظاهر الآلاف من مناصري اليمين، أمس، تحت شعار «حراسة الدولة ووقف الانقلاب على الحكم»، في ترجمة لموقف نتنياهو الذي رأى في توجيه الاتهامات إليه انقلاباً. وشارك في التظاهرة أعضاء تنظيمات مثل «إم ترتسو» [إذا شئتم]، و«إسرائيل شيلي» [إسرائيل الخاصة بي]، و«قيادة النضال المشترك للمعسكر القومي»، داعين إلى «التحقيق مع المحقّقين».
رأت «هآرتس» أن التجمّع يؤشر إلى تدهور مكانة نتنياهو (أ ف ب )

وفيما حضرت شخصيات من حركة «غوش إيمونيم» الاستيطانية الدينية، ومن زعماء المستوطنين المتديّنين، إضافة إلى شخصيات جدلية مِمَّن دافعوا عن قاتل إسحاق رابين، كان لافتاً الغياب شبه الكامل لوزراء «الليكود» - باستثناء ميري ريغيف - ووزراء كتلة اليمين عموماً، على رغم جهود نتنياهو الهائلة لإقناعهم وأعضاء «الكنيست» من «الليكود» بالمشاركة في التظاهرة. وكان رئيس الوزراء بذل كلّ ما في وسعه لجذب الجماهير إلى الساحة؛ إذ أرسل بيانات إلى أعضاء «الليكود»، ونشر شريطاً على «فايسبوك» حضّ فيه أنصاره على المجيء، وخرج ليلتقي الذين تظاهروا بالقرب من مقرّه في القدس المحتلة ويدعوهم إلى المشاركة في التظاهرة للمؤازرة، كما طلب من رؤساء السلطات في المناطق المحتلة دعوة أنصارهم إلى المشاركة، واتصل هاتفياً برؤساء فروع الحزب والناشطين المركزيين، وأرسل مساعديه لإقناع الوزراء. وفي تعليقها على ذلك، رأت صحيفة «هآرتس» أن التجمع يؤشّر إلى تدهور مكانة نتنياهو، معتبرة أن المشاركة الضئيلة تؤكد وجود قلّة لا تزال تصدّق «البضاعة الفاشلة التي لا أساس لها عن الربيع الإسرائيلي المزيف».
على خط موازٍ، واصل منافس نتنياهو على رئاسة «الليكود»، عضو «الكنيست» جدعون ساعر، دعوته الأول إلى الاستقالة. إذ توجّه إليه بالقول إنه لو كان محلّه لاستقال من منصبه، ليس بسبب التهم المنسوبة إليه، وإنما بسبب الطريق المسدود الذي آلت إليه عملية تأليف الحكومة. وحذّر ساعر من مغبة انهيار «الليكود» في الانتخابات المقبلة إذا لم يُدخل تغييراً في قيادته. كما أعرب عن يقينه بقدرته على تأليف حكومة في «الكنيست» الحالي وجمع تواقيع 61 عضواً، لكنه شدّد على أنه لن يقوم بهذا من دون تفويض من منتسبي الحزب. من جهته، رأى رئيس الحكومة الأسبق، وأحد أقطاب «المعسكر الديمقراطي»، إيهود باراك، أن نتنياهو «لا يمكنه أن يواصل إدارة الدولة بسبب الخشية من اتخاذه قرارات في الشؤون الأمنية لاعتبارات تتعلق بتهم الفساد المنسوبة إليه، وليس لاعتبارات موضوعية». وأضاف باراك، في مقابلة مع إذاعة الجيش، أن على المستشار القانوني للحكومة أن يُبدي موقفه إزاء مسألة كون نتنياهو أهلاً لتأليف الحكومة بعد الانتخابات، مشيراً إلى أنه إذا كان ردّ المستشار على ذلك بالسلب، فبإمكان «الليكود» أن يختار شخصاً آخر لرئاسة الحزب، وهو ما سيتيح الفرصة لتأليف حكومة من دون انتخابات ثالثة خلال أقلّ من سنة. واعتبر وزير الداخلية ورئيس حزب «شاس»، أرييه درعي، في مقابلة مع الإذاعة نفسها أمس، أنه لا يجوز إجراء جولة ثالثة من الانتخابات، واصفاً الذهاب إليها بأنه «عمل انتحاري». ومن أجل منع هذا السيناريو، أبلغ رئيس «الكنيست»، يولي أدلشتاين، نتنياهو، أنه يعتزم العمل على «تأليف حكومة وحدة وطنية تمنع انتخابات أخرى». ولهذه الغاية، دعا أدلشتاين «الليكود» و«أزرق أبيض» إلى لقاء عاجل في مكتبه في القدس، في محاولة أخيرة لمنع جولة ثالثة.
في غضون ذلك، وصف مستشار الحكومة، أفيحاي مندلبليت، الهجوم على سلطات فرض القانون في إسرائيل بأنه «مجرد أكاذيب وادّعاءات لا أساس لها من الصحة»، مؤكداً «(أننا) لا نخشى الانتقادات»، مبدياً دعمه للعاملين في مكتب المدعي العام بقوله إن «المدعي العام، شاي نيتسان، يخدم الجمهور بكلّ جوارحه. إنه محامٍ ممتاز، وشخص مستقيم وشريف».