عادت المشاحنات العلنية بين الدول الأعضاء في «حلف شمال الأطلسي» إلى واجهة المشهد، مع اقتراب موعد اجتماعه المقرر في لندن مطلع الشهر المقبل. وبعدما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الحلف في حالة «موت دماغي»، خرج وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ليؤكد أن «الناتو» بحاجة إلى النموّ والتغيير وإلا فسيتجاوزه الزمن.وكما في مناسبات سابقة، صوّب كلّ من أعضاء الحلف على نقاط متباينة في نقدهم لآليات عمله الحالية؛ فبينما اعتبر بومبيو أن «الناتو» يمكن عدّه أحد أهم التحالفات «في التاريخ المدوّن»، لفت من برلين، عشية الذكرى السنوية الثلاثين لسقوط «جدار برلين»، إلى حاجة الحلف إلى «النموّ والتغيير ومجابهة الواقع وتحديات الحاضر... بعد مرور 70 عاماً» على تأسيس الحلف.
وبالنسبة إلى واشنطن، فإن هذا التغيير يجب أن يركّز في الدرجة الأولى على «مساهمة أكبر للدول الأعضاء في تأمين الموارد التي يحتاج إليها الحلف، للحصول على الأمان»، وفق تعبير بومبيو، الذي أكد أنه في حال لم تف تلك الدول بالتزاماتها «فسيلوح خطر أن يصبح حلف الأطلسي مؤسسة غير فعالة أو عفا عليها الزمن».
الابتزاز الأميركي للدول الأعضاء في الحلف يقابله تخبط في المواقف الأوروبية، وسط تخويف أميركي مستمر من الدورين الروسي والتركي، عالمياً. فرنسا انتقدت بشدة طبيعة العلاقة بين أعضاء «الناتو»، وتساءل رئيسها في مقابلة صحافية عن مصير المادة الخامسة من معاهدة الحلف، التي تنص على تضامن عسكري بين أعضائه في حال تعرض أحدهم لهجوم، موضحاً القول: «ماذا سيحلّ بالمادة الخامسة... إذا قرّر نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد الرد على تركيا، هل سنتدخل؟ هذا سؤال حقيقي».
ولقيت تصريحات ماكرون استهجاناً ألمانياً، عبّرت عنه المستشارة أنجيلا ميركل، واصفة توصيفه بـ«الراديكالي»، وقالت في مؤتمر صحافي مع الأمين العام للحلف، يانس ستولتنبرغ: «لا أعتقد أن هذا الحكم غير المناسب ضروري، حتى لو كانت لدينا مشاكل، حتى لو كان علينا أن نتعافى».
ومن جهته، قال ستولتنبرغ إن «الأطلسي» لا يزال «قوياً»، مؤكداً أن الولايات المتحدة وأوروبا «تتعاونان معاً، أكثر ممّا فعلتا منذ عقود». وفي محاولة لردم الهوّة مع تركيا، اعتبر الأمين العام للحلف أن تركيا تلعب دوراً محورياً في توفير أمن القارة الأوروبية.
وردّد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس صدى كلام ستولتنبرغ، مشيراً إلى أن «تركيا أحد أعضاء الناتو، وستظل كذلك، وهي من أهم الشركاء المحوريين داخل الحلف».