لا يزال الموقف الأميركي مرتبكاً إزاء التعامل مع الوضع الأفغاني، ورغبة دونالد ترامب في سحب قواته تباعاً من هذا البلد، على رغم قراره، في اللحظة الأخيرة، نسف الاتفاق الذي بدا وشيكاً مع حركة «طالبان»، لأسباب لا تزال مجهولة. اتفاق يبدو أنه أمام فرصة جديدة لإعادة إحيائه، وفق وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، الذي حلّ يوم أمس ضيفاً مفاجئاً في العاصمة كابول، حيث سيلتقي الرئيس الأفغاني المنتهية ولايته، أشرف غني، وسيسعى، وفق محضر نشره «البنتاغون»، «للاطّلاع على ما يجري على الأرض في أفغانستان، ولبحث ما يمكن أن يحصل في المستقبل».زيارة إسبر التي لم يُعلَن عنها مُسبقاً، والأولى له إلى أفغانستان منذ تولّيه منصبه في تموز/ يوليو، تأتي وسط غموض كبير حول مصير المهمة العسكرية الأميركية في هذا البلد، بعد انهيار المفاوضات بين واشنطن و«طالبان». مفاوضات كانت على وشك أن تتوّج بالتوقيع على اتفاق بين الطرفين يتضمن سحب القوات الأميركية من أفغانستان، في مقابل ضمانات أمنية تقدّمها الحركة. لكن الآمال بتوقيع الاتفاق تبدّدت بعد إعلان ترامب أن المحادثات باتت بحكم «الميتة»، معلّلاً ذلك بهجوم للحركة الأفغانية أدى إلى مقتل جندي أميركي الشهر الماضي.
اقترح الاتحاد الأوروبي عودة «طالبان» إلى السلطة «بشكل أو بآخر» خلال أشهر


وفي ظلّ الجمود القائم منذ بداية أيلول/ سبتمبر، والذي خرَقَه لقاءٌ جمع المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد (قاد تسع جولات من المفاوضات مع الحركة برعاية قطرية) بوفد «طالبان» في باكستان مطلع الشهر الجاري، تأتي زيارة وزير الدفاع الأميركي في مسعى لتحريك المفاوضات المتوقّفة. يجلّي ذلك موقفُ كلّ من إسبر ووزير الخارجية مايك بومبيو، إذ أعرب الأول عن اعتقاده بأن «الاتفاق السياسي هو دائماً السبيل الأفضل للمضيّ قُدماً في ما يتعلّق بالخطوات المقبلة في أفغانستان»، مشيراً إلى أن عديد القوات الأميركية في أفغانستان البالغ 14 ألف جندي قد يتقلّص إلى نحو 8600، وأن ذلك لن يؤثر على عمليات «مكافحة الإرهاب» التي تستهدف جماعات على غرار الفرع الأفغاني لتنظيم «داعش»، بينما أشار الثاني، أول من أمس، إلى أن بلاده لا تزال ملتزمة بالسلام والاستقرار في أفغانستان.
ويبدو أن الاتحاد الأوروبي يحاول حجز مكان له في الصورة المتبدّلة في كابول، إذ اقترح مبعوثه إلى أفغانستان، رونالد كوبيا، عودة «طالبان» إلى السلطة «بشكل أو بآخر» خلال أشهر، معتبراً أن وقفاً لإطلاق النار في هذا البلد سيشكّل «ضمانة لحسن النيات واستعداداً جيداً لتطبيع العلاقات» بين الحركة الأفغانية والاتحاد، كما يمكن أن يُحدث تغييراً كافياً يُقنع ترامب باستئناف المفاوضات.