بعد فترة هدوء نسبي أعقب التصعيد في الخليج وفشل المبادرة الفرنسية في نيويورك، عادت واشنطن إلى تكثيف ضغوطها على إيران. هذه المرة، بدت إدارة الرئيس دونالد ترامب تتجه صوب تشديد الضغوط على الدول التي لا تخضع للعقوبات على طهران. وبينما تكثّفت رسائل التهديد لشركات الشحن الصينية، اختارت السطات الأميركية استهداف ثاني أكبر مصرف حكومي تركي، في توقيت سياسي إقليمي لافت، لا يبدو أن أهدافه تقتصر على حملة «الضغوط القصوى» ضد طهران.ورفع الادّعاء العام في المنطقة الجنوبية لمدينة نيويورك دعوى قضائية ضد مصرف «خلق بنك» التركي، متهماً إياه بـ«خرق العقوبات الأميركية المفروضة على إيران». المصرف التركي سبق وورد اسمه في اتهامات أميركية بتواطؤ تركي في الالتفاف على العقوبات عام 2016، وتضمّنت لائحة الاتهام أمس 6 تهم، هي: «محاولة الاحتيال على الولايات المتحدة، وخرق العقوبات الأميركية على إيران، والاحتيال على البنوك، ومحاولة الاحتيال على البنوك، وغسيل الأموال، ومحاولة غسيل الأموال».
روحاني: إيران مدينة لجيرانها ولبعض الدول الأخرى التي تواصل العمل معها وتتجنّب العقوبات


وقال ممثلو الادّعاء إن الاتهامات تتعلق بالضلوع في مخطط يشمل مليارات الدولارات للتحايل على العقوبات. وعلى رغم تشديد الادّعاء على ضرورة دفاع البنك عن نفسه، ظهرت تأثيرات الخطوة الأميركية سريعاً، حيث هوى سهم المصرف 7% أمس. ومع أن السلطات الأميركية سوّقت لكون القرار على خلفية الحملة ضد إيران، فإن المصرف التركي وضعه «في إطار عقوبات فرضتها الحكومة الأميركية على بلدنا (تركيا) رداً على عملية نبع السلام التي أطلقها الجيش التركي بشجاعة لتأمين حدودنا ونشر السلام في المنطقة». ونفى المصرف مشاركته في التحايل على العقوبات ضد إيران، وشدّد على أنه لا يخضع لسلطة وزارة العدل الأميركية نظراً لعدم امتلاكه أي فرع أو موظفين في الولايات المتحدة، معتبراً أن «قرار توجيه الاتهام هو تجاوز قانوني غير مسبوق».
في غضون ذلك، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، إن بلاده مدينة لجيرانها ولبعض الدول الأخرى التي تواصل العمل معها وتتجنب العقوبات الأميركية. وأضاف: «الحياة اليومية يمكن أن تستمر على طبيعتها، لكن التطور والتنمية مرتبطان بالعلاقة مع العالم».
وفي إطار متصل، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين كبيرين في الإدارة الأميركية، أن البيت الأبيض يحذّر شركات الشحن الصينية من إغلاق أجهزة التتبّع لإخفاء شحنات النفط الإيراني، في انتهاك للعقوبات ضد طهران. وقال أحد المسؤولين: «نبعث بالكثير من الرسائل إلى شركات الشحن، لا تريدون فعل هذا، الأمر لا يستحق... إنه سلوك خطير للغاية وغير مسؤول». واتهمت الإدارة الأميركية شركة «كوسكو» الصينية للملاحة البحرية بإغلاق نظام التعريف الآلي على متن سفنها، وهو ما نفاه بيان من الشركة. وكانت وحدتان تتبعان الشركة المذكورة من بين المستهدفين بعقوبات أميركية فُرضت في 25 أيلول / سبتمبر الماضي، شملت 5 صينيين، بتهمة انتهاك العقوبات عبر شحن خام إيراني.