جوبا | يقترب موعد إعلان الحكومة الانتقالية في جنوب السودان، والمقرّر الشهر المقبل، كما نصت على ذلك اتفاقية السلام الموقّعة الشهر الماضي، في ظلّ تواصل الخلاف بين الحكومة والمعارضة في شأن الرؤى والخطط. وتتمسك مجموعة الحكومة، بقيادة الرئيس سلفاكير مَيارديت، بتكوين الحكومة في الثاني عشر من الشهر المقبل، في الوقت الذي انقسمت فيه مواقف الجماعات المعارضة بين رافضة لتكوين الحكومة ومؤيدة لذلك في الموعد المحدّد، بغضّ النظر عن معالجة قضيّتَي الترتيبات الأمنية وعدد الولايات، علماً بأنها القضايا نفسها التي مدّدت المرحلة الانتقالية ستة أشهر في أيار/ مايو الماضي.في هذا السياق، جدّد رئيس «لجنة إدارة الفترة ما قبل الانتقالية» من جانب الحكومة، توت قلواك مانمي، التمسك بتشكيل الحكومة في الموعد المعلن، قائلاً لـ«الأخبار» إن «موضوع عدد الولايات وحدودها لا ينبغي أن يشكل عقبة أمام السلام». وأفاد مانمي بأن هذا الملف سيحال على لجنة مختصة تضمّ جميع الأطراف للنظر فيه، مضيفاً أن «الجدل حول الولايات مناورة سياسية... العقبة الحقيقية هي الترتيبات الأمنية وتدريب القوات (نحو 40 ألفاً)، وقد بدأنا الحل على مراحل».
ترى المعارضة أن الوقت المتبقّي لا يكفي لتكوين «جيش وطني»


في المقابل، تقف المعارضة المسلحة الموالية لريك مشار، والتي تعتبر أكبر الفصائل من حيث الوزن السياسي والنفوذ العسكري، موقفاً متشدداً ترفض بموجبه تشكيل الحكومة والمشاركة فيها، مشترِطةً معالجة القضايا الخلافية كافة قبيل تكوين الحكومة. وفي هذا الإطار، يؤكد مناوا بيتر قاركوث، وهو قيادي في المعارضة المسلحة، أنهم لن يكونوا جزءاً من الحكومة الانتقالية إذا أصرّت الدولة على إعلانها الشهر المقبل، مضيفاً: «نريد أن نرى جيشاً قومياً على الأرض». ويتهم قاركوث الحكومة برئاسة سلفاكير بالفشل في توفير التمويل اللازم لتنفيذ البنود العالقة من اتفاق السلام على رغم تعهدها بتوفير مئة مليون دولار أميركي من أجل ذلك، معتبراً أن «الحكومة لا تمتلك إرادة سياسية لتنفيذ الاتفاقية، والوقت المتبقي لا يكفي لتكوين جيش». موقفٌ مشابه تتّخذه أيضاً «الحركة الديموقراطية الوطنية»، وهي تنظيم مسلح موقِّع على اتفاقية السلام، إذ ترى أن مجرد تشكيل الحكومة لن يكون «عصا سحرية» تَحلّ جميع القضايا العالقة، وأن «تكوين الحكومة في نوفمبر لن يحقق السلام بل سيكون إطالة للوضع الراهن»، وفق ما يتوقع المتحدث باسم الحركة، محجوب بيل، في تصريح إلى «الأخبار»، مطالباً بـ«تقديم مسودة الدستور الانتقالي الجديد إلى البرلمان لإجازته».
وسط هذا المشهد، يرى مدير «مركز دايفرستي للدراسات الاستراتيجية»، باطومي ايول، أن مستقبل البلاد مرتبط بتجاوز النقاط الخلافية، لأن «الجدل الدائر الآن بين الحكومة والمعارضة له آثار في مستقبل الثقة بين الطرفين وتنفيذ بقية بنود الاتفاقية». أما لشوكير ياد، وهو كاتب ومحلل سياسي، فيعتقد أنه في حال استمر الوضع كذلك، فربما تؤجَّل الحكومة الانتقالية إلى وقت لاحق، إلّا إذا أصرّ سلفاكير على موقفه، وهذا يعني التصادم. وينبّه ياد إلى أنه حتى لو وجد الرئيس أن بعض التنظيمات قد وافق على الدخول في الحكومة الجديدة، إلا أن بقاء مجموعة مشار وبعض الفصائل ذات التأثير العسكري الأكبر خارجها يهدّد بعودة البلاد إلى مربع الحرب.