لا تزال أزمة الاتصال الهاتفي بين ترامب ونظيره الأوكراني تتفاعل في واشنطن. جديد القضية وثيقةٌ أميط اللثام عنها يوم أمس، بعدما أحدثت جدلاً استمرّ على مدى أسابيع، ودفعت برئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، إلى بدء إجراءات لمساءلة الرئيس تمهيداً لعزله. في النسخة التي رُفعت عنها السرية، يشير موظّف الاستخبارات (المُخبر) الذي تقدّم بالشكوى ضدّ ترامب إلى أن الأخير استغلّ منصبه عبر طلبه «تدخل» أوكرانيا في رئاسيات 2020، لكنه يوضح، للمفارقة، أنه لم يستمع إلى مضمون الاتصال، بل استقى معلوماته من ستة مسؤولين حكوميين.ومن شأن نشر هذه الوثيقة تكثيف الضغط على الرئيس الأميركي الذي دعا الجمهوريين إلى «القتال»، لأن «مستقبل البلاد على المحك». وكتب عبر «تويتر»: «الديموقراطيون يحاولون تدمير الحزب الجمهوري وكل ما يمثّله... أيها الجمهوريون، اتّحدوا وتماسكوا والعبوا اللعبة معاً وقاتلوا بقوة...».
ومحور هذه الأزمة اتصالٌ هاتفي جرى في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، طلب فيه الأول من الثاني التحقيق حول المرشح الديموقراطي ونائب الرئيس السابق، جو بايدن، وابنه هنتر الذي كان عضواً في مجلس إدارة شركة «بوريزما» الأوكرانية للغاز الطبيعي، ويُعتقد بأنه تورط في قضايا فساد. واللافت بحسب مقدّم الشكوى أن المكالمة جرت بعدما أمر ترامب بوقف صرف مساعدات أميركية لأوكرانيا بقيمة 400 مليون دولار. وفي الشكوى التي تمتد على تسع صفحات، ونشرتها لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي يوم أمس، كتب المُخبر أن الرئيس «استخدم منصبه لدعوة بلدٍ أجنبي إلى التدخل في انتخابات 2020 في الولايات المتحدة». وفي الأيام التي أعقبت المكالمة، فإن محامي البيت الأبيض «تدخّلوا لإغلاق كل الوثائق الأرشيفية المرتبطة بهذه المكالمة الهاتفية»، وخصوصاً عبر إصدار أمر بالاحتفاظ بها «ضمن نظام إلكتروني منفصل» عن ذلك المستخدَم عادة. وعُدَّ ذلك بمثابة دليل على أن أوساط الرئيس «كانت تدرك خطورة ما حصل»، إذ لفت المُسرِّب، نقلاً عن مصادره، إلى أن اثنين من المسؤولين الأميركيين الكبار «أصدرا لاحقاً تعليمات إلى السلطات الأوكرانية حول كيفية تجنّب طلبات الرئيس». لكنه أوضح أنه لم يستمع مباشرة إلى الاتصال بين ترامب ونظيره الأوكراني، بل التقى أكثر من ستة مسؤولين حكوميين أميركيين «أزعجهم» هذا الأمر «كثيراً». «أشعر بقلق بالغ من أن تكون الأفعال المذكورة أدناه تنطوي على ‬مشكلة خطيرة أو فاضحة أو انتهاك لقانون أو لأمر تنفيذي»، وفق ما كتب.
يُتوقّع أن تبقى هوية المُسرِّب مجهولة إلى حين الإدلاء بإفادة محتملة أمام الكونغرس


ولا تزال هوية مسؤول الاستخبارات مجهولة، وفق ما أعلن القائم بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية، جوزف ماغواير، خلال استجوابه أمام الكونغرس أمس. ومن المتوقّع أن تبقى مجهولة إلى حين الإدلاء بإفادة محتملة أمام الكونغرس، بحسب الإعلام الأميركي.
وأصرّ البيت الأبيض، الذي نشر مقاطع من مضمون المكالمة الهاتفية، أول من أمس، على موقفه، إذ رأى أن «شيئاً لم يتغيّر مع نشر هذه الوثيقة»، متحدثاً عن «تجميع روايات مختلقة ومقالات صحافية» لم تظهر شيئاً جديداً. لكن الديموقراطيين أكدوا أن البيت الأبيض حاول «التكتّم» على القضية، على قول رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، فيما أورد النائب مايك كويغلي أن «الرئيس خان بلادنا وحاول إخفاء الأمر». وفي محاولة للتقليل من أهمية هذه المحادثة التي وصفتها المعارضة بـ«المروّعة» وتجعل الرئيس الأميركي في وضع صعب، وصف ترامب السبب الذي استند إليه خصومه لإطلاق إجراءات لعزله بـ«النكتة». وأضاف: «عزلٌ من أجل هذا؟ عندما تعقد اجتماعاً رائعاً وتجري اتصالاً هاتفياً رائعاً»، متهماً الديموقراطيين بأنهم «فعلوا كل ذلك خلال أسبوع (اجتماعات) الأمم المتحدة، هذا مخطّط له بالتأكيد».