في خطابه الثالث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كرّر دونالد ترامب، في محطّات عديدة، الإشارة إلى «الوطنيين». مجموعة غير محدّدة من المواطنين، تستطيع - بحسب الرئيس الأميركي - أن تحقّق «المصلحة الوطنية»، ذلك أن «العظمة لا تتحقّق إلا بإرادة (هؤلاء) الوطنيين وتفانيهم». الخطاب المُزدحم بموضوعاته الكثيرة، ركّز أساساً على انتقاد الدول الأخرى التي يعتقد أنها تُعامل الولايات المتحدة معاملة «غير عادلة»، بدلاً من أن تتوحّد حول «مبادئ» الديموقراطية والإنسانية، كأنْ يقول مثلاً: «يعرف الأميركيون أنه في عالم يسعى فيه الآخرون إلى الهيمنة والسيطرة، فإن أمّتنا يجب أن تكون قوية من حيث الثروة والإرادة وحتى الروح. لذا، إن أميركا تدافع بحيوية عن تقاليدها التي جعلتنا ما نحن عليه اليوم... يجب أن يحتضن العالم الحرّ مؤسساته الوطنية».
ترامب: على جميع الدول أن تتطلّع إلى الداخل، وتفكر في مصالحها الخاصة أولاً(أ ف ب )

على امتداد 36 دقيقة، تطرّق ترامب إلى «عقيدة» السياسة الخارجية الخاصة بإدارته. والعقيدة هذه هي أنّ على جميع الدول أن تتطلّع إلى الداخل، وتفكر في مصالحها الخاصة أولاً. وهو جدّد تأكيد مواقفه السابقة من العولمة والتعددية، لأن «المستقبل لا ينتمي إلى العولمة، ولكن ملكيته تعود (مجدداً) للوطنيين».
في الجزء الذي توجّه فيه إلى المنطقة، اعتبر الرئيس الأميركي أن هناك «اعترافاً متنامياً» في الشرق الأوسط في شأن «مكافحة الإرهاب وتعزيز الفرص الاقتصادية»، داعياً دول المنطقة إلى «إقامة علاقات كاملة مع إسرائيل». وإذ أكد أن بلاده «لا تسعي للنزاع مع أي دولة»، أشار إلى أن واشنطن التي «أنفقت أكثر من 2.5 تريليون دولار، منذ انتخابي، لإعادة بناء جيشنا العظيم، هي أيضاً، إلى حدٍّ بعيد، أقوى دولة في العالم... وأتمنّى أن لا تضطر إلى استخدام قوتها هذه».
كذلك، خصص ترامب جزءاً لا يستهان به من خطابه للهجوم على سياسات الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، مؤكداً أن واشنطن تراقب الوضع في كاراكاس «من كثب». وفي رسالته إلى الشعب الفنزويلي «الذي يعيش هذا الكابوس»، «أقول: اعلموا أن أميركا موحدة وراءكم». وأضاف: «نترقَّب اليوم الذي تُستعاد فيه الديموقراطية وتكون فنزويلا حرة وتسود الحرية المنطقة».
وفي سياق هجومه المتواصل على الصين، وجّه ترامب انتقادات حادّة إلى الممارسات التجارية لبكين، مجدداً القول إنه لن يقبل بـ«اتفاق سيّئ» في مفاوضات التجارة الجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. ورأى أن بكين فشلت في الوفاء بوعودٍ قدّمتها لدى انضمامها إلى «منظمة التجارة العالمية» في عام 2001، وأنها «متورطة» في ممارسات لاستغلال الآخرين كلّفت الولايات المتحدة ودولاً أخرى ملايين الوظائف. من هنا، قال إنها «لم تمتنع فقط عن تبنّي إصلاحات وَعدت بها، بل اعتنقت أيضاً نموذجاً اقتصادياً يعتمد على حواجز ضخمة في السوق، ودعم حكومي كبير، وتلاعب بالعملة... وعمليات النقل القسري للتكنولوجيا، وسرقة الملكية الفكرية». و«على مدى سنوات، جرى التسامح مع هذه التجاوزات (في التجارة الدولية) وتجاهلها، وحتى تشجيعها»، لكن «هذا الزمن ولّى بالنسبة إلى الأميركيين». وعلى رغم أن الرئيس الأميركي أبقى على الأمل بأن البلدين يمكنهما التوصل إلى اتفاق تجاري، إلا أنه أوضح أنه يريد اتفاقاً يعيد التوازن إلى العلاقات بين العملاقين الاقتصاديين. وقال: «الشعب الأميركي ملتزم تماماً استعادة التوازن في علاقتنا مع الصين. يحدونا الأمل بأننا يمكننا التوصل إلى اتفاق سيكون مفيداً لكلا البلدين».
في ما يتعلّق ببريطانيا، رأى أنه سيكون من «الفظيع» عدم تمكُّن المملكة المتحدة من الخروج من الاتحاد الأوروبي طبقاً لما يريده رئيس الحكومة، بوريس جونسون، لأن الأخير «وحده يمكن أن ينجح... وسيكون من الفظيع سلوك طريق أخرى». كذلك، أعرب عن أمله في توقيع اتفاق تجاري «رائع» مع لندن بعد تنفيذ «بريكست»، «ستكون له فوائد ضخمة لبلدينا».