أثارت الأرقام الرسمية التي نُشرت، أمس، المخاوف من أن تكون المملكة المتحدة في طريقها إلى أول ركود لها منذ عقد. فقد أظهرت الأرقام أن الاقتصاد قد انكمش في الربع الثاني من عام 2019، وسط عدم اليقين المرتبط بـ«بريكست»، وإقفال مصانع السيارات وزيادة تراكم المخزونات قبل المهلة النهائية التي كانت مقررة لـ«بريكست»، نهاية شهر آذار / مارس. أدى كلّ ذلك إلى تقلّص الناتج المحلي الإجمالي بحوالى 0.2 في المئة، خلال الأشهر الثلاثة التي انتهت في حزيران / يونيو، أي أدنى من كل التوقعات، في مسح أجرته وكالة «رويترز» لآراء اقتصاديين، كان قد أشار إلى قراءة مستقرة. ويعدّ انخفاض ناتج خامس أكبر اقتصاد في العالم نذير شؤم، في الوقت الذي يستعد فيه رئيس الوزراء بوريس جونسون لقيادة البلاد، لمغادرة الاتحاد في تشرين الأول / أكتوبر، وقد انخفضت قيمة الجنيه الاسترليني. ومع تعهّد حكومة جونسون بمغادرة الاتحاد الأوروبي، بحلول 31 تشرين الأول / أكتوبر، بغض النظر عمّا إذا تمكن من التوصل إلى اتفاق انتقالي لتفادي حدوث تعطّل للتجارة، تسود حالة من عدم اليقين بشأن التوقعات في ما تبقى من عام 2019.
ويعاني الاقتصاد العالمي، أيضاً، من التباطؤ، والسبب في ذلك يعود بدرجة كبيرة إلى الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن النمو الاقتصادي انخفض على أساس سنوي من 1.8 في المئة في الربع الأول إلى 1.2 في المئة، وهو الأداء الأضعف له، منذ بداية عام 2018.
تباطأ الاقتصاد منذ التصويت بالموافقة على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي


وكان النمو السنوي في حزيران / يونيو وحده الأضعف منذ آب / أغسطس 2013 بنسبة واحد في المئة. لكن وزير المالية الجديد ساجد جاويد صرّح بأنه لا يعتقد بأن الاقتصاد البريطاني سينزلق إلى هوة الركود الكامل. وفي تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي.)، قال: «لا أتوقع حدوث ركود على الإطلاق. ليس هناك محلّل بارز واحد توقع حدوث ركود». وأكد جاويد أن الأرقام «ليست مفاجئة بأي حال من الأحوال»، موضحاً أنها تعكس التقلبات التي تشهدها فترة ما قبل الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، والتي ستنتهي بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول / أكتوبر. وكان بنك إنجلترا المركزي قد توقع، الأسبوع الماضي، ارتفاع النمو بشكل محدود على أساس فصلي بنسبة 0.3 في المئة، خلال الربع الحالي، مع انخفاض النمو بالنسبة إلى العام ككل إلى 1.3 في المئة.
وأظهرت بيانات صادرة، في وقت سابق، انهياراً في إنتاج المصانع في نيسان/ أبريل حيث قدمت شركات صناعة السيارات موعد الإغلاقات الصيفية السنوية للإنتاج، للالتزام بالموعد النهائي الأصلي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/ مارس، والذي تأجّل إلى 31 تشرين الأول / أكتوبر. لكن بيانات التصنيع لشهر حزيران / يونيو كانت ضعيفة، أيضاً، على غير المتوقع، وانكمش الإنتاج لهذا الربع بأسرع وتيرة منذ أوائل عام 2009، عندما كانت بريطانيا ترزح تحت وطأة الركود.
وتباطأ اقتصاد بريطانيا منذ التصويت بالموافقة في حزيران / يونيو 2016 على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، مع انخفاض معدلات النمو السنوية من مستوى يزيد على اثنين في المئة قبل الاستفتاء على الانفصال لتسجل نمواً بنسبة 1.4 في المئة في العام الماضي.
وكانت بريطانيا قد أبدت سعيها للإسراع في التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة بالغ الأهمية لمرحلة ما بعد «بريكست»، من شأنه توجيه رسالة بخصوص قدرة بريطانيا على الاعتماد على نفسها، وذلك بعدما أوفد جونسون وزير الخارجية ووزيرة التجارة الدولية إلى واشنطن. وفي ظل تصميم جونسون على مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول/اكتوبر، باتفاق أو من دونه، فإنّ السعي للتوصل إلى اتفاق تجاري مع إدارة دونالد ترامب يكتسب أهمية كبرى، خصوصاً إذا ما أُخذ في الاعتبار الهزّات التي من المتوقع أن يعيشها الاقتصاد البريطاني، من ركود وانخفاض للاستثمارات وغيرهما، بانتظار أن تنقشع غيمة «بريكست».
(رويترز، أ ف ب)