في خطوة جديدة في سياق سياسة «الضغوط القصوى»، استهدفت واشنطن، المطالبة بالتفاوض مع طهران، رأس الدبلوماسية الإيرانية، ونفذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تهديداتها السابقة، إذ أعلن «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية» التابع لوزارة الخزانة فرض عقوبات على وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف. القرار الذي يعقّد مساعي الدبلوماسية، ومن شأنه توحيد القوى الإيرانية المختلفة التوجهات أكثر، وتكريس الفهم الإيراني لطلب التفاوض تحت الضغط بأنه «استسلام»، ردّ عليه ظريف بالتقليل من جدواه، لكونه وعائلته لا يملكون أصولاً في الولايات المتحدة. وقال إن سبب القرار «أنني الناطق الرئيسي باسم إيران في أنحاء العالم»، وأنه بالنسبة إلى واشنطن يمثّل «تهديداً لجدول أعمالها». مسؤول في الإدارة الأميركية نفى إغلاق الباب أمام محادثات نووية محتملة مع إيران بفرض عقوبات على وزير خارجيتها «الذي لا تعتبره (واشنطن) صانع قرار مهماً». وقال المسؤول الأميركي: «أميركا لا تعتبر ظريف نقطة الاتصال الرئيسية في محادثات نووية محتملة، وسترغب في التواصل مع شخص له دور كبير في صنع القرار». وزعم المسؤول أنّ تصنيف ظريف عائد إلى قرار ترامب بفرض عقوبات على المرشد علي خامنئي، لأنّ ظريف «ساعد في تنفيذ جدول أعمال متهور لخامنئي»، علماً أن الإدارة الأميركية أفصحت عن نيتها فرض عقوبات على ظريف وقت فرض العقوبات على خامنئي، وهو عقب إسقاط طهران الطائرة الأميركية.ويأتي القرار في وقت كشفت فيه صحيفة «واشنطن بوست» أن إدارة ترامب ستعلن هذا الأسبوع تجديد إعفاء خمسة برامج نووية إيرانية من العقوبات، بما لا يطاول الشركات الروسية والصينية والأوروبية، وذلك بعد دفاع من وزير الخزانة ستيفن منوتشين، عن تجديد الإعفاءات مقابل رفض وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون.
استضافت البحرين اجتماعاً عسكرياً موجهاً ضد إيران دعت إليه لندن


في غضون ذلك، لا تزال واشنطن مشغولة بتعثر تحالفها الأمني. تحالف يراد منه سحب ورقة الملاحة من طهران لإبقاء الخاسر من المعركة إيران وحدها التي تتلقى العقوبات. ومن جهة ثانية، توريط مزيد من الحلفاء في المعركة، بموازاة الابتزاز المالي بالحماية. إلا أن الموقف الألماني أمس أعطى إشارة جديدة إلى معوقات الخطة الأميركية. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، أولريكه ديمر، إن «الحكومة متحفظة حيال المقترح الأميركي الملموس، ولذلك لم تقدم عرضاً»، وتابع: «من المهم بالنسبة إلينا السير في طريق الدبلوماسية... والسعي إلى محادثات مع إيران منعاً للتصعيد والعمل نحو استمرار الاتفاق النووي... المشاركة في مهمة بقيادة الولايات المتحدة قد تجعل هذا الأمر صعباً».
يأتي ذلك في وقت استضافت فيه البحرين اجتماعاً عسكرياً موجهاً ضد إيران دعت إليه لندن، ورفضت الأمم المتحدة حضوره، ناقش أمن الملاحة في الخليج ومضيق هرمز. ولم يتضح الكثير حول طبيعة الاجتماع والحضور ونتائجه، إذ أحيط بالتكتم، إلا أن صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أشارت إلى أن لندن دعت ممثلين عسكريين من الولايات المتحدة وفرنسا ودول أوروبية للحضور أملاً «في أن تنشئ جسراً بين الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى كألمانيا، التي تحجم عن المشاركة في أي مهمة تقودها واشنطن».
إقليمياً، وبعد التطور الطارئ على العلاقات الإماراتية الإيرانية، تحاول طهران تعميم التجربة في المنطقة، وصولاً إلى الجار السعودي على الضفة المقابلة من الخليج، بما يسهم في ترتيب أوراق إيران لمصلحة مواجهتها مع واشنطن. وجددت طهران أمس، على لسان ظريف، إبداء استعدادها للحوار «إذا كانت السعودية مستعدة للحوار»، مستشهداً بالتجربة الجديدة مع أبو ظبي. وأضاف: «إذا غيروا سياساتهم فستكون فرصة جيدة جداً للحوار».
وعلى صعيد الانعطافة الإماراتية، يتأكد أن اللقاء الأمني الرفيع المستوى في إيران، أول من أمس، كان فاتحة لتقارب أكبر، قد ينسحب على التعاون المالي والاقتصادي، الذي يعد ملفاً مهماً إيرانياً في ظل معركة العقوبات. في هذا الإطار، بدا لافتاً ما أفاد به الأمين العام لهيئة الصرافين في إيران، شهاب قرباني، حول تطوير إيران والإمارات علاقاتهما المصرفية، رغم عقوبات واشنطن. وكشف أن «مصرفين في الإمارات أعلنا استعدادهما للتعاون المالي مع إيران»، مضيفاً أنّ «المباحثات بدأت في هذا الموضوع، لكنّ المعاملات لم تجرِ بعد من الناحية التنفيذية». ولفت قرباني إلى أهمية التعامل مع المصارف الإماراتية، أكثر من الجاري مع المصارف العمانية، لكون العملة العمانية غير مدعومة بالأسواق الدولية.