الشتاء الماضي، بدا إسقاط الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، أمراً مضموناً بالنسبة إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى حدّ أنه رأى أن الأمر قد يكون عبارة عن «فوز سريع»، خصوصاً أن مبادراته الأخرى في آسيا والشرق الأوسط كانت متوقفة أو ذاهبة في الاتجاه الخاطئ. إلا أن الربيع كان كفيلاً بتبديد هذه الآمال، عندما دعا زعيم المعارضة المعترف به من قِبل واشنطن، خوان غوايدو، الجيش الفنزويلي إلى الوقوف بجانبه في وجه مادورو. حينها، تلقّى البيت الأبيض تأكيدات من المعارضة بأن العديد من الذين يحملون الرُتب العليا في القوى الأمنية والحكومة سيقفون بوجه مادورو، إلا أن أحداً منهم لم يرد على دعوة غوايدو. وهذا ما جعل ترامب يشعر بالإحباط، بعدما لمس أن المعارضة والمسؤولين التابعين لمادورو «تلاعبوا» بمستشاره للأمن القومي جون بولتون، ومديره لسياسة أميركا اللاتينية موريسيو كلافر كارون، وفق ما ذكرت «ذي واشنطن بوست».جاء الصيف هذا الأسبوع، ومادورو ما زال في مكانه، بينما لا توجد إلا إشارة قليلة إلى أنه على وشك الخروج، أو أن إدارة ترامب لديها استراتيجية متماسكة لإزالته. صحيح أن «الولايات المتحدة لم تقل أبداً إن جهودها في فنزويلا ستكون محدودة بجولة واحدة»، وأن «سياسة الضغط القصوى التي تمارسها الإدارة تعتمد على الاتساق والانضباط من أجل تحقيق الهدف النهائي»، بحسب قول مسؤول رفيع المستوى للصحيفة، إلا أن مسؤولاً آخر أكد أن ترامب بات مُحبطاً في شأن قضية سياسية خارجية «طالما اعتقد أنها لن تكون صعبة»، أو «يمكنه من خلالها أن يحصل على فوز»، مضيفاً: «بعد خمسة أو ستة أشهر، الأمور لا تجري كما يجب».
منذ بداية الشهر الماضي، نادراً ما تحدث ترامب عن فنزويلا، أو عن وعده باللجوء إلى «كل الخيارات»، بما فيها القوة العسكرية، إذا كان ذلك ضرورياً لتحقيق الهدف الأميركي هناك، حتى أنه لم يذكر فنزويلا خلال اجتماع مغلق في ولاية فلوريدا، أول من أمس، على بعد أميال من المكان الذي ألقى فيه خطابه في شهر شباط/ فبراير أمام المهاجرين الفنزويليين والكوبيين، محذراً من أن هؤلاء الذين يواصلون دعم مادورو «سيخسرون كل شيء». لكن كل ذلك لم يمنع المعارضة الفنزويلية من التمسك بالدعم الأميركي. وهو ما أشارت إليه مجلة «ذي أتلانتك» في تقرير بعنوان «سفير لحكومة غير موجودة بعد»، تحدثت خلاله مع «مبعوث» غوايدو في واشنطن، كارلوس فيتشيو. وأشارت المجلة الأميركية إلى أن الدبلوماسيين التابعين لغوايدو يصرّون على «المضيّ قدماً في تحقيق مسألة الرئاسة الانتقالية»، انطلاقاً من «إيمانهم بأن واشنطن تدعمهم». وفي هذا الإطار، قال فيتشيو إنه متأكد من التزام إدارة دونالد ترامب بالقضية. وإذ استرجع اجتماعاً مع نائب الرئيس مايك بنس، فقد أشار إلى أن الأخير: «قال لي، كارلوس، الولايات المتحدة ستقف معكم إلى أن تستعيدوا ديموقراطيتكم»، مضيفاً: «أنا أثق به، وأثق بترامب».
في هذه الأثناء، وفيما يبدو أن ترامب قد انسحب من المعركة، يغرّد بولتون عن فنزويلا أكثر من أي قضية أخرى في السياسة الخارجية. «الولايات المتحدة ستواصل الوقوف بحزم دعماً لإنهاء قمع مادورو»، كتب الثلاثاء في تغريدة. أما في ميامي، وبينما كان ترامب في ولاية فلوريدا، كان بنس يتحدث إلى الفنزويليين الأميركيين، موجّهاً التحية للسفينة التابعة للبحرية الأميركية المتّجهة إلى أميركا اللاتينية لـ«الاهتمام باللاجئين الفنزويليين». ومن هناك، تغاضى بنس عن الأسئلة المتعلقة بالتدخل العسكري الأميركي، قائلاً إن هدف الإدارة كان «رؤية الديموقراطية واستعادة حكم القانون في فنزويلا، كي يتمكن الفنزويليون من العودة إلى أمة حرة».