في خطوة غير متوقعة، وبعد أكثر من عقد على غياب زيارات الزعماء الصينيين إلى الحليفة كوريا الشمالية، أعلنت بكين أن رئيس الدولة، شي جين بينغ، سيقوم الأسبوع الحالي بزيارة دولة إلى بيونغ يانغ. هذا الأمر من شأنه أن يثير تساؤلات لدى الولايات المتحدة، خصوصاً أنها في خضم نزاع مع البلدين. وقال المتحدث باسم دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب «الشيوعي» الصيني الحاكم، تشاو مينغ، إن شي سيصل إلى كوريا الشمالية الخميس المقبل، موضحاً أن أول زيارة دولة للرئيس الصيني الحالي إلى بيونغ يانغ ستستغرق يومين، وقد جاءت تلبية لدعوة زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون.وعن سبب الزيارة، قال المتحدث إنها تأتي لمناسبة الذكرى الـ70 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وكوريا الديموقراطية، وتتمتع بأهمية كبيرة في الجهود المبذولة للبناء على ما تحقق من النجاح من قبل في دفع العلاقات الثنائية. لكن توقيت الزيارة يبقى غير واضح، خصوصاً على خلفية التوتر في علاقات الولايات المتحدة مع كوريا الشمالية من جانب، بعد فشل القمة الثانية بين كيم والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في شباط/ فبراير الماضي في هانوي، ومع الصين من جانب آخر، بسبب الحرب التجارية المستمرة بين واشنطن وبكين. ومن المتوقع أن يثير توقيت الزيارة علامات استفهام في البيت الأبيض، إذ تأتي قبل أسبوع من قمة دول مجموعة العشرين في اليابان، حيث سيلتقي الرئيس الأميركي بنظيره الصيني لمناقشة الحرب التجارية بين بلديهما. وفي وقتٍ تخوض فيه بكين وواشنطن نزاعاً تجارياً، يبدو أن الصين تسعى لتذكير ترامب بمدى قدرتها على التأثير على بيونغ يانغ، التي وصلت مفاوضاته النووية معها إلى طريق مسدود.
تأتي الزيارة قبل أسبوع من قمة دول مجموعة الـ«20» حيث سيلتقي ترامب وشي


وفي هذا السياق، نقلت وكالة «فرانس برس» عن الأستاذ المتخصص في أمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ والسياسة الخارجية الصينية في جامعة سيدني، جينغدونغ يوان، قوله إن «رسالة (شي) هي أن الصين لا تزال طرفاً أساسياً مؤثراً». وأضاف أنه «لا يمكن تجاهل الصين، إذ بإمكانها لعب دور غاية في الأهمية». ولذا، بإمكان شي برأيه استخدام الزيارة «كورقة مساومة» في الحرب التجارية بين بكين وواشنطن. ووفق مصدر مطلع في بيونغ يانغ، سعت بكين لترتيب الزيارة إلى كوريا الشمالية قبيل أي لقاء بين شي وترامب في قمة دول مجموعة العشرين. ولم يتم الانتهاء من الترتيبات اللوجستية إلا الشهر الماضي.
وكان الرئيس الكوري الشمالي قد زار الصين ــــ الحليف الرئيسي لبلاده ــــ أربع مرّات خلال العام الماضي للقاء شي الذي لم يرد الزيارة بعد. وستكون الزيارة المرتقبة هي الأولى التي يجريها رئيس صيني إلى الدولة المعزولة منذ زارها هو جينتاو في 2005. ونقلت «شينخوا» الصينية، عن مسؤول صيني يدعى سونغ تاو، قدم إيجازاً للصحافيين، قوله إن «الاجتماعات التي جرت بين الزعيمين خلال العام الماضي فتحت فصلاً جديداً للعلاقات بين الصين وجمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية». وأضافت الوكالة في تقريرٍ نشرته، أمس، أن الطرفين «سيتبادلان وجهات النظر بشأن الوضع في شبه الجزيرة الكورية على أمل تحقيق تقدم في التوصل إلى تسوية سياسية في هذا الصدد».
من جانبه، أفاد مكتب الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن إنه علم بخطط شي للسفر الأسبوع الماضي. وقال في بيان صدر أمس: «نأمل أن تسهم هذه الزيارة في استئناف مبكر للمفاوضات حول نزع أسلحة شبه الجزيرة الكورية النووية بشكل كامل، ما سيؤدي إلى ترسيخ سلام دائم في شبه الجزيرة الكورية». في غضون ذلك، وقبل أقل من ساعة من الإعلان الصيني عن الزيارة، تسبّب «انفجار محتمل» في زلزال خفيف بقوة 1.3 في شمال شرق الصين قرب الحدود مع كوريا الشمالية، وفق مركز شبكات الزلازل الصينية (حكومي). وقال المركز، في بيان، إن الهزة الأرضية التي قدرت بـ1.3 درجة على مقياس ريختر «نتجت عن انفجار محتمل»، من دون مزيد من التفاصيل، وفق ما نقلته وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية، مشيرة إلى أنه «سبق أن تم رصد نشاط زلزالي مماثل في المنطقة ذاتها بعد تجارب نووية أجرتها كوريا الشمالية».