لليوم الثاني على التوالي، تواصلت فعاليات «منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي» الذي تستضيفه روسيا بمشاركة أكثر من 140 دولة، ويتركز على بحث التحدّيات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، خاصة في ظلّ الحرب التجارية التي تشنّها الولايات المتحدة على الاقتصادات العالمية، ولا سيما الصين، إضافة إلى سياسة العقوبات التي تنتهجها من أجل إخضاع الدول. هذا تحديداً هو ما ركّز عليه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في كلمته أمس، خلال الجلسة العامة للمنتدى، إذ انتقد سياسة العقوبات التي تتبعها واشنطن، داعياً إلى «إعادة النظر في دور الدولار» في النظام المالي العالمي، بعدما أصبح «أداة ضغط» بيد الولايات المتحدة، التي تسعى إلى «فرض سلطتها القانونية على العالم»، منبهاً إلى أن هذه المساعي تُعدّ «وصفة للحروب التجارية والحروب الحقيقية». ويأتي هذا الكلام بعد الإعلان أن موسكو وبكين تعتزمان تأسيس صندوق مشترك جديد مقيم باليوان، ضمن الجهود الصينية والروسية الحثيثة لكسر هيمنة الدولار الأميركي، والتخلّي عنه لمصلحة عملات أخرى.كذلك، انتقد بوتين ما سمّاه «المنافسة غير العادلة والحماية التجارية»، قائلاً إن «النهج الأميركي يعزّز معركة بدون قواعد، حيث يحارب الجميع بعضهم البعض»، مضيفاً أن «دولاً كانت تدعو إلى حرية التجارة باتت تتحدث عن العقوبات في الوقت الراهن»، وأن الاقتصاد العالمي «دخل مرحلة الحروب التجارية والنزاعات الحمائية»، محذراً من أن التجارة العالمية «لم تَعُد المحرك المطلق للاقتصاد العالمي». وفي ما يخصّ منظمة التجارة العالمية تحديداً، رأى أن «من الضروري زيادة كفاءة المنظمة، وملئها بمعانٍ جديدة، مع مراعاة مبادئ التفاعل والمنافسة بين البلدان بنماذجها التنموية المختلفة»، وقال: «بالطبع، ليس فرض قانون واحد على الجميع، ولكن قبل كل شيء تنسيق المصالح الاقتصادية الوطنية».
اعتبر بوتين أن الدولار أصبح «أداة ضغط» تستخدمها واشنطن


الرئيس الصيني، شي جين بينغ، شارك بدوره نظيره الروسي انتقاداته للسياسات الأميركية الهادفة إلى السيطرة على اقتصادات الدول. وإذ دعا إلى اتخاذ خطوات «لتجاوز عدم المساواة» في النظام الاقتصادي العالمي، أكد أنه «لا يمكن وقف تطلعات الدول لحياة أفضل». وفي إشارة إلى روسيا كشريك أساسي، قال إن الصين تسعى إلى بناء «تعاون مثمر مبني على المساواة والاحترام المتبادل» مع الدول الصديقة، مؤكداً أن «بكين مستعدة لتقاسم الاختراعات التكنولوجيا مع جميع الشركاء، وخصوصاً تكنولوجيا 5G» (شبكات الإنترنت من الجيل الخامس).
يُذكر أن شي كان قد وصل إلى موسكو الأربعاء الماضي، ضمن زيارة دولة تنتهي اليوم، شهدت التوقيع على عشرات العقود في مجالات التجارة الإلكترونية والاتصالات والغاز وغيرها. كذلك، وُقِّعَت اتفاقيات أخرى خلال «منتدى سان بطرسبورغ»، بينها واحدة أبرمت الجمعة بين شركات شحن بحري روسية وصينية للعمل معاً على تطوير طرق بحرية في منطقة القطب الشمالي. وقد أثنى بوتين على هذه الشراكة أمس، إذ قال إن بلاده مهتمة بتوسيع وجود الشركات الصينية في السوق الروسي، وتثمّن عالياً رغبة رجال الأعمال الصينيين في العمل المشترك.