لا تزال عملية الفجيرة التي استهدفت مجموعة سفن وناقلات نفط تحمل أعلام السعودية والإمارات، تلقي بظلالها على المناخ المتوتر في الخليج. وفي وقت لم توجه فيه الرياض وأبوظبي أصابع الاتهام إلى إيران في الهجوم، استنكرت الأخيرة الحادث «المقلق والمؤسف»، وطالبت بتحقيق لكشف ملابساته. الأهم حتى الآن، أن واشنطن لم تزجّ باسم طهران في الهجوم. وقد نقلت «رويترز» عن مسؤول أميركي قوله إنه «مطلع على تقارير المخابرات بشأن الواقعة»، إن الولايات المتحدة ليست لديها معلومات تذكر بعد عن الجهة المسؤولة. في الأثناء، اكتفى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتحذير الإيرانيين من ارتكاب «خطأ كبير» في إشارة إلى إمكانية مهاجمة المصالح الأميركية، وقال: «إذا فعلوا أي شيء، فسوف يتألمون كثيراً». وعلى المنوال نفسه، شدد المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران، براين هوك، على أن بلاده «لن تتجاهل الاعتداءات الإيرانية»، وقال: «لا يمكن للإيرانيين أن ينظموا ويدربوا ويجهزوا وكلاءهم ثم يتوقعون أن نصدق أنه لا دور لهم». وكشف أن الإمارات طلبت من الأميركيين المساعدة في التحقيق حول الهجمات على السفن قبالة الفجيرة.وفي وقت تتولى فيه الإمارات التحقيق في هجوم الفجيرة الذي وقع داخل مياهها الإقليمية، وتسبّب بأضرار في البورصة الخليجية، وأكدت الرياض شموله سفينتين سعوديتين تعرضتا للأضرار، أجرت مقاتلات أميركية، أمس، في الخليج، ما سمّتها قيادة القوات المركزية «طلعات ردع» في المنطقة مُوجّهة ضد إيران. وقال المتحدث باسم قيادة القوات المركزية الأميركية، العقيد بيل أوربان، إن طائرات سلاح الجو الأميركي نفذت طلعات تهدف إلى «ردع العدوان وإثبات الوجود الأميركي، إضافة إلى الدفاع عن الوجود الأميركي في المنطقة».
وسط هذا التوتر، بدا لافتاً تعديل وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، جدول أعماله المتضمن زيارة إلى موسكو ولقاء الرئيس الروسي، ليحطّ في بروكسل حيث بحث ملف إيران مع الأوروبيين. وقد شملت محطة بومبيو الأوروبية إطلاع الحلفاء في «الناتو» على التهديدات الإيرانية، وفق ما قالت الخارجية الأميركية. أما الاتحاد الأوروبي، وفي مؤشر إلى الضغط لإقناع إيران بالتفاوض، فقد تلقى من بومبيو طلباً بإقناع طهران بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وفق ما سمعت وزيرة خارجية الاتحاد، فيدريكا موغريني، من الضيف الأميركي. وقد تقاطعت المواقف الأوروبية، أمس، عند رفض التصعيد العسكري، في حين برزت مخاوف أبداها وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، إزاء خطر اندلاع نزاع «عن طريق الخطأ» في الخليج مع تزايد التوتر.
وقبالة اللهجة الأميركية العالية، والتصريحات التي تعتمد سياسة حافة الهاوية، تحذو طهران حذو الأميركيين في ممارسة الضغوط. ضغوط يوجّهها الإيرانيون باتجاه الأوروبيين، مع إدارك حاجة هؤلاء الأمنية إلى عدم انهيار الاتفاق النووي. ووفق معلومات نقلتها «رويترز» أمس، فإن المفاوضات بين الطرفين وصلت إلى وضع طهران شرط تصدير مستويات ما قبل العقوبات من النفط، للبقاء في الاتفاق النووي، وهو ما يقدَّر بنحو مليوني برميل يومياً. وأمس، عقدت موغريني اجتماعاً على هامش نشاط بروكسل مع وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لبحث الاتفاق النووي الإيراني وآلية «إنستيكس» للتجارة مع طهران والالتفاف على العقوبات.
(رويترز، الأناضول)