بعد عدة محاولات لإسقاط حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، لم يَعد أمام المعارضة وأعوانها سوى خيار طلب التدخل الأميركي المباشر في كاراكاس، الأمر الذي يهدّد به المسؤولون في واشنطن منذ بداية المحاولة الانقلابية. وأول من أمس، طلب غوايدو من مبعوثه إلى الولايات المتحدة كارلوس فيتشيو، «الاجتماع بمسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)»، من أجل «التعاون مع الجيش الأميركي لحل الأزمة السياسية في البلاد». واستعاد غوايدو التصريحات المتكرّرة على لسان الرئيس دونالد ترامب وكبار المسؤولين في إدارته، عن أن «جميع الخيارات مطروحة على الطاولة».كذلك، أوضح، في كلمة أمام حشد من أنصاره في العاصمة كاراكاس، أنه طلب من فيتشيو إجراء محادثات مع قائد القيادة الجنوبية للقوات الأميركية كريغ فالر، وإقامة علاقات مباشرة معه لـ«تنسيق محتمل». وادّعى الانقلابي «وجود عناصر لمنظمة جيش التحرير الوطني الكولومبي (ELN) وميليشيات كوبية داخل فنزويلا»، واصفاً هذا الأمر بأنه «احتلال». من جهة أخرى، أشار غوايدو إلى أنه حصل على وعد من الصين بأنها ستنضم إلى جهود دبلوماسية لدول من أوروبا وأميركا اللاتينية تُعرف باسم «مجموعة الاتصال الدولي بشأن فنزويلا» للتفاوض من أجل إنهاء الأزمة.
كشفت تظاهرة السبت عن التعبئة الضعيفة للمعارضة


وهذا الإعلان الذي تهدف من خلاله المعارضة إلى زيادة الضغط على حكومة مادورو، جاء على خلفية المحاولة الانقلابية الأخيرة التي نفذها غوايدو بتعليمات أميركية أواخر الشهر الماضي، لكنها فشلت بعد عجزه عن كسب دعم العسكريين، ليفقد بالتالي الشارع تدريجياً. وقد بدا ذلك جلياً السبت الماضي، إذ انخفض عدد أنصاره بشكل كبير، حيث اجتمع حوالى 1500 إلى 2000 متظاهر في ساحة «ألفريدو ساديل» في شرق كراكاس. وبخلاف التظاهرات السابقة المناهضة لمادورو، لم يغادر المتظاهرون الساحة للسير في شوارع كاراكاس.
بالتوازي مع تحركات غوايدو في الداخل، ألقت الشرطة الإسبانية القبض على وزير تطوير الطاقة الكهربائية الفنزويلي السابق، خافيير ألفارادو أوتشوا، امتثالاً لمذكرة توقيف أميركية. وذكرت وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية، أن واشنطن «تتهم أوتشوا بالضلوع في عمليات غسللأموال تتعلق بشركة النفط الحكومية الفنزويلية PDVSA». وتمّ اعتقال ألفارادو أوتشوا بالقرب من منزله في مدريد، في حين قضت محكمة إسبانية بسجنه حتى يتمّ بت مسألة تسليمه إلى الولايات المتحدة.
كذلك، استكمالاً لخطواتها التضييقية على داعمي مادورو، عمدت السلطات الأميركية إلى قطع خطوط المياه عن السفارة الفنزويلية في واشنطن، حيث يقيم ناشطون أميركيون يدعمون مادورو، وفق ما نقلته وكالة «نوفوستي» الروسية عن أحد قادة مجموعة المبادرة في السفارة، الذين يقيمون في المبنى منذ أكثر من شهر. ونقلت الوكالة عن الناشطة الأميركية ميديا بنجامين قولها إن «السلطات أغلقت المياه في السفارة الفنزويلية لإرغامنا على المغادرة. لا كهرباء ولا ماء وقليل من الطعام لدينا». رغم ذلك، أكدت بنجامين أن «الناشطين متماسكون بحزم».
في غضون ذلك، واصلت السلطات الفنزويلية هجومها على «الخونة المسؤولين عن التمرد الفاشل»، حيث اتهم مادورو مدير جهاز الاستخبارات السابق بـ«تنسيق محاولة العصيان»، معتبراً أنه «جاسوس لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إي)». وفي كلمة له الجمعة الماضي، قال مادورو: «نجحنا في إثبات أن كريستوفر فيغيرا تمّ تجنيده من قبل السي آي إي قبل أكثر من عام وأنه كان يعمل كخائن، كجاسوس، كمندس»، وأضاف أن فيغيرا قام «بتنسيق الانقلاب الفاشل». يُذكر أن فيغيرا كان قد فرّ بعد محاولة الانقلاب، كما أعلن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الثلاثاء الماضي.