طهران | إيقاف إيران تصدير الفائض من اليورانيوم المخصب والماء الثقيل، بموجب البندين 25 و36 من المخطط الشامل للعمل المشترك (الاتفاق النووي)، والذي أعلنه الرئيس حسن روحاني في ذكرى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وتهديدها بالخروج من الاتفاق في حال عدم تشغيل الأوروبيين القناة المالية الخاصة للتبادل التجاري «إينستكس» خلال 60 يوماً، موقفان لا يشكلان جميع ما لدى إيران للضغط على الاتحاد الأوروبي. ثمة أكثر من ورقة ضغط في جعبة طهران، من شأنها أن تدفع دول الاتحاد نحو العمل السريع من أجل إنقاذ الاتفاق النووي.أولى تلك الأوراق هي ورقة قوافل المخدرات التي تنطلق من الأراضي الأفغانية والباكستانية متجهة إلى أوروبا عبر إيران. تفيد الإحصائيات الدولية بأن إيران هي ممرّ لـ 30% من المخدرات المهربة من أفغانستان وباكستان إلى منطقة البلقان جنوب شرق أوروبا. ويفيد تقرير الأمم المتحدة لعام 2014 بأن إيران وحدها ضبطت 75% من إجمالي حمولات الأفيون التي تم ضبطها في العالم، وكذلك 25% من حمولات الهيرويين والمورفين المضبوطة عالمياً. وتقول إيران إنها أنفقت 26 مليار دولار حتى عام 2014 من أجل حفر القنوات وبناء الجدار على امتداد حدودها مع أفغانستان وباكستان بغية مكافحة تهريب المخدرات. هذا في حين أن دعم الاتحاد الأوروبي لإيران في تلك المشاريع ضئيل جداً، مقارنة مع التكاليف المادية التي تدفعها إيران، عدا عن الخسائر البشرية التي تتكبّدها قوات الأمن خلال عمليات مكافحة تهريب المخدرات. يصعب على إيران حالياً، وبفعل العقوبات الشاملة «الترامبية»، تغطية تكاليف مكافحة المخدرات، وبطبيعة الحال لا أحد يتوقع من إيران أن تعطي الأولوية لمكافحة المخدرات ومنع وصولها إلى أوروبا بدل تغطية السلع الأساسية لمواطنيها.
وأما الورقة الثانية، فهي ورقة المهاجرين الأفغان، ويبلغ عددهم أكثر من 6 ملايين، وهم يشكلون مشروع نزوح جديد إلى أوروبا بعد موجات النزوح السورية خلال السنوات الماضية. وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أمس، خلال مقابلة مع التلفزيون الحكومي الإيراني، إلى هذه الورقة بالقول إن «عدد العمال الأفغان الموجودين في إيران يفوق مليونين، وهم يحصلون على 5 مليارات يورو سنوياً ويرسلونها إلى أفغانستان، وربما نحن لا نتمكن تحت التضييقات الناجمة عن العقوبات من التغاضي عن هذا الموضوع، حيث إننا لم نعد قادرين على تغطية هذا المبلغ الهائل، وربما نضطر إلى مطالبة المهاجرين الأفغان بمغادرة بلادنا إلى حيث يشاؤون. إذا أرادوا أن يعودوا إلى بلادهم فهم أحرار، أو إلى أوروبا فهم يختارون».
وأما الورقة الثالثة، فهي قضية الصواريخ الباليستية التي تشكل دوماً مصدر قلق لدول الاتحاد الأوروبي، حيث إن مدى تلك الصواريخ يصل إلى أوروبا. وكان لافتاً أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ردّ على تهديد نظيره الإيراني بمطالبة إيران بحل معضلة صواريخها الباليستية.
الأوراق الثلاث المشار إليها لا تمثل مصادر قلق رئيسة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، البعيدة جغرافياً عن تلك التهديدات، وإنما تشكل خطراً على أمن إسرائيل. ولهذا، يركز ترامب على الملف النووي الذي يعتبره مصدر تهديد لتل أبيب. أما الأوروبيون فلديهم أولويات أخرى مختلفة عن أولويات الولايات المتحدة. فهل تستعد أوروبا لمواجهة موجات النزوج الجديدة أو قوافل المخدرات الأفغانية والباكستانية التي ستستغل عجز ميزانية مكافحة المخدرات في إيران للزحف إلى قلب أوروبا؟