في الوقت الذي شدّدت فيه الولايات المتحدة عقوباتها الاقتصادية على الحكومة الفنزويلية، شهدت الشوارع، أول من أمس، تعبئة جديدة للمعسكرين. فقد تظاهر أنصار الرئيس نيكولاس مادورو، ومؤيدو الانقلابي خوان غوايدو، في شوارع العاصمة كاراكاس ومناطق أخرى. وارتدى أنصار مادورو قمصاناً حمراً ضد «الإمبريالية»، بينما دعا الرئيس الاشتراكي، أمام حشد من أنصاره بالقرب من قصر ميرافلوريس الرئاسي، عدداً من دول المنطقة إلى المساهمة في فتح حوار بين الفنزويليين. وقال إن «فنزويلا تطلب دعماً ومرافقة لإجراء حوار كبير للسلام والتوافق».وكانت المكسيك والأوروغواي اقترحتا، في كانون الثاني/ يناير، المساهمة في حوار بين مادورو وغوايدو الذي رفض أيّ نقاش. وبالإضافة إلى هذين البلدين، طلب مادورو أيضاً المساعدة من بوليفيا ودول الكاريبي. وقال: «لنضع كل الأوراق على الطاولة، ولتتوقف كل الهجمات الإرهابية والكمائن. وبمواكبة المكسيك وبوليفيا والأوروغواي ودول الكاريبي، يمكن لفنزويلا تنظيم طاولة حوار في أقرب وقت ممكن مع كل القطاعات».
غير أن غوايدو الذي يرفض أي حوار، دعا في وقت متأخر، الجمعة، إلى النزول بأعداد كبيرة إلى شوارع كاراكاس، مُعلناً لمؤيديه في رسالة عبر الهاتف بدء «أكبر تصعيد في الضغط الذي نشهده في تاريخنا». ولضمان استمرار التعبئة، دعا إلى تظاهرات جديدة، الأربعاء، بناءً على ما سمّاه «المرحلة النهائية» لإزاحة مادورو. وقال غوايدو: «نحن هنا وسنبقى هنا! كلنا في الشارع من أجل المرحلة النهائية التي ستقضي على اغتصاب السلطة!».
دعا غوايدو إلى تظاهرات جديدة تحت شعار «المرحلة النهائية»


تأتي هذه التطوّرات في وقت تشهد فيه فنزويلا أسوأ تقنين للتيار الكهربائي منذ مطلع آذار/ مارس الماضي، بلغ ذورته قبل عشرة أيام جراء انقطاع الكهرباء بشكل متقطع ولفترات منتظمة، ما يتسبّب بمشاكل في توزيع المياه مع توقف مضخات مياه المنازل والمباني التي تعمل على الكهرباء. وخفّضت الحكومة ساعات العمل من ثماني ساعات إلى ستّ، فيما علّقت الدروس في المدارس. ومن المتوقع أن يستمر تقنين الكهرباء طوال شهر نيسان/ أبريل، إذ دعا مادورو السكان إلى تخزين المياه، ما يشير إلى أن المشكلة ستطول.
وفي حين يعتبر الرئيس الفنزويلي العقوبات الأميركية مسؤولة عن المشاكل الاقتصادية التي تمرّ بها فنزويلا، فقد أشار في الوقت ذاته إلى أن هجمات استهدفت شبكة الكهرباء في فنزويلا أُطلقت من تشيلي وكولومبيا، بدعم من الحكومة الأميركية.
في غضون ذلك، حذر الممثل الأميركي الخاص بالأزمة في فنزويلا، إليوت أبرامز، في مقابلة مع شبكة «إن تي إن 24»، من أن توقيف غوايدو «سيكون خطأً فادحاً، وربما الأخير الذي يرتكبه النظام». وقال: «أؤكد لكم أن الرد سيكون قوياً جداً، ولدينا الخطط لذلك»، رداً على تجريد الحكومة لغوايدو من حصانته البرلمانية، والسماح بملاحقته بتهمة إعلان نفسه رئيساً انتقالياً، ومنعه من تولي منصب عام على مدى 15 عاماً.
وسيعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً، الأربعاء، بطلب من واشنطن، وبحضور نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، لمناقشة الأزمة الإنسانية في فنزويلا، وذلك بعدما أعلن بنس عقوبات جديدة على 34 سفينة تابعة لشركة النفط الفنزويلية، وشركتين تشحنان النفط إلى كوبا. وقال، في خطاب في هيوستون، إن «الولايات المتحدة ستواصل ممارسة كل الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية، للوصول إلى انتقال سلمي إلى الديموقراطية»، مضيفاً أن «كل الخيارات مطروحة، ويجب ألا يحاول نيكولاس مادورو اختبار تصميم الولايات المتحدة الأميركية».
من جهته، كتب مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، في تغريدة أول من أمس، أن «هذه مجرد خطوة أولى»، في إشارة إلى العقوبات. ونبّه وزيرَ الدفاع الفنزويلي، فلاديمير بادرينو، في تغريدة أخرى، إلى «مسؤوليته الدستورية عن حماية المدنيين الأبرياء الذين يتظاهرون بشكل سلمي». وفيما رأى بولتون أن كوبا شريك للنظام الفنزويلي، فقد أشار إلى أن «الولايات المتحدة حاضرة لمحاسبة أي دولة أو شركة تسهّل قمع الشعب الفنزويلي».