في 22 شباط/ فبراير الماضي، اقتحمت مجموعة من 10 أشخاص مبنى سفارة كوريا الشمالية في مدريد، حيث قيّدت ثمانية أشخاص كانوا موجودين في المكان، وعمدت الى ضربهم، وأجرت تحقيقاً معهم. وقعت الحادثة قبل أيام فقط من القمة التي جمعت الرئيسين دونالد ترامب وكيم جونغ أون، من دون أن يتم تسليط الأضواء الإعلامية عليها. لكن أخيراً، بدأت التقارير تتوالى عن ضلوع الاستخبارات الأميركية في الواقعة.بحسب موقع «إل كونفدانشيل» الصادر بالإسبانية، فإن المهاجمين كمّموا أفواه الموظفين في السفارة وقيّدوهم، ثم استحوذوا على عدد من أجهزة الكومبيوتر التي كانت هناك. إلا أن امرأة تمكنت من الهرب عبر نافذة في الطبقة الثانية من المبنى، حيث صرخت طالبة النجدة. يشير الموقع إلى أنه على إثر ذلك، عمد الجيران القلقون الى الاتصال بالشرطة. ولكن عندما حضر عناصر من الشرطة إلى المكان، استقبلهم رجل آسيوي عند الباب، وأكد لهم أن كل شيء على ما يرام.
شبكة «بي بي سي» تنقل أيضاً عن الموقع الإسباني قوله إنه «بعد دقائق عدة، انطلق الرجل الآسيوي والمهاجمون بسرعة قصوى، مستقلّين سيارات دبلوماسية تابعة لكوريا الشمالية». وبحسب الشبكة نفسها، فإن الشرطة عندما عادت إلى المكان «وجدت في الداخل ثمانية أشخاص مقيّدين، فيما تغطّي أكياس بلاستيكية رؤوسهم». وتضيف، نقلاً عن «إل كونفدانشيل»، أن هؤلاء الأشخاص «كانوا على هذه الحال على مدى حوالى أربع ساعات، حتى إن اثنين منهم كانوا بحاجة الى مساعدة طبية بعد الهجوم». كذلك، وجدت الشرطة السيارتين اللتين هرب فيهما المهاجمون، في مكان قريب.
هدف الهجوم البحث عن معلومات تتعلق بالسفير الكوري السابق في مدريد


وفي تحليل الاقتحام، استبعدت السلطات الإسبانية فكرة أن يكون وراءه مجرمون عاديون. إذ أفادت صحيفة «إل بايس»، نقلاً عن مصادر قريبة من التحقيق، بأن «العملية جرى التخطيط لها بإتقان، كما لو عبر خلية عسكرية». كذلك، أشارت الصحيفة إلى أن «المهاجمين بدوا كأنهم يعرفون ما يسعون وراءه، وخصوصاً أنهم أخذوا أجهزة الهاتف الخلوي والكومبيوتر». وفي هذا الإطار، لفتت كلّ من «إل بايس» و«إل كونفدانشيل» إلى أن «السلطات الإسبانية تشتبه في أن تكون وكالات الاستخبارات الأميركية وحلفاؤها متورّطين في الهجوم». ويأتي هذا التكهّن على الرغم من أن «ضحايا الهجوم أخبروا المحققين بأن المهاجمين كانوا يتحدثون بالكورية، ويمكن أن يكونوا من كوريا الجنوبية»، حتى إن «إل بايس» أشارت إلى أنه جرى تحديد هوية اثنين من الأشخاص العشرة، موضحة أن لديهم صلات بالاستخبارات المركزية الأميركية.
ووفقاً للتقارير نفسها، فإن الهدف من الهجوم هو البحث عن معلومات تتعلق بالسفير السابق لكوريا الشمالية في مدريد، كيم هيوك كول؛ ذلك أن هذا الدبلوماسي كان قد استُبعد من إسبانيا في أيلول/ سبتمبر 2017، بسبب برنامج كوريا الشمالية النووي. ولكن تفيد شبكة «بي بي سي» بأن كيم يعمل، حالياً، كموفد أساسي في المحادثات التي تجريها كوريا الشمالية مع الولايات المتحدة، كما ساعد في تنظيم القمة الأخيرة التي أقيمت في فيتنام بين كيم وترامب. وهو أيضاً سافر إلى العاصمة واشنطن مع مساعد الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ كول، في كانون الثاني/ يناير الماضي.
في هذه الأثناء، وفيما لم يُدلِ المحققون بشيء عن الموضوع، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن أياً من الموظفين لم يقدّم شكوى رسمية، في حين سيجري التطرّق إلى التحقيق السري في المحكمة الإسبانية العليا، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى توقيف المهاجمين، بعدما جرى تحديد هويتهم. وإذا ما تبيّنت مسؤولية وكالة الاستخبارات الأميركية، فإن «إسبانيا لن تكون سعيدة بذلك»، وفق «إل بايس»، التي أشارت إلى أن «ذلك يمكن أن يؤدي إلى خلاف دبلوماسي بين مدريد وواشنطن». ولفتت الصحيفة إلى أن المشكلة تكمن في «عمل الوكالات الأجنبية على الأراضي الإسبانية من دون موافقة الحكومة، بينما يُعدّ اقتحام سفارة بلد آخر اختراقاً كبيراً للبروتوكول الدولي». مع ذلك، فإن «مصادر الحكومة تفيد بأن من الصعب إثبات تورّط وكالات الاستخبارات الأميركية».