رسم حادث تحطم الطائرة الإثيوبية، «بوينغ 737 ماكس 8»، قرب العاصمة أديس أبابا، يوم الأحد الماضي، الذي أودى بحياة كلّ من كانوا على متنها، وعددهم 157 شخصاً، العديد من علامات الاستفهام حول كفاءة هذه الطائرة، ومدى صدقية الشركة الأميركية عموماً، خصوصاً أن هذا الحادث الثاني الذي تتعرض له طائرة من الطراز نفسه خلال أربعة أشهر، وأن الحادثين كليهما وقعا بعد دقائق قليلة على الإقلاع. وقد لا تتوقف تبعات هذه المأساة الجديدة، التي تشكّل نكسة كبرى للمصنع الأميركي ومصدر قلق للمستثمرين، عند الخسائر التي ستتكبّدها «بوينغ» جراء إلغاء عقود التزويد بالطائرة وصيانتها، بل قد تكون لها عواقب اقتصادية كبيرة، خصوصاً أن المصنع يوفر وظائف لـ150 ألف شخص في الولايات المتحدة.
قالت «بوينغ» إن لديها «ثقة تامة» بسلامة طائراتها

وحمل تحطّم الطائرة، التي تُعدّ من أحدث طائرات الركّاب في العالم وأكثرها تطوّراً، عدداً كبيراً من الدول وشركات الطيران على تعليق استخدام هذا النوع من الطائرات للرحلات المتوسطة، على الرغم من أن الشركة أكدت «عدم وجود أي سبب يحملها على توجيه تعليمات جديدة إلى الشركات». ومع أن الولايات المتحدة أكدت، أول من أمس، أن التحليق بهذه الطائرات آمن، إلا أن الطمأنة الأميركيو لم يكن كافياً على ما يبدو؛ إذ أعلنت إثيوبيا وسنغافورة والصين وإندونيسيا وكوريا الجنوبية ومنغوليا وأوستراليا والبرازيل والأرجنتين والمكسيك والمغرب، في أوقات سابقة، تعليق استخدام هذا الطراز من الطائرات، لتليها أمس، سلطنة عُمان وفرنسا وألمانيا والنمسا وإيرلندا وبريطانيا وأيسلندا وتركيا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا.
في المقابل، قررت واشنطن السماح لتلك الطائرات بالاستمرار في الطيران، لكنها أعلنت أنها ستجبر «بوينغ» على الشروع بتعديلات في نموذجَي «737 ماكس 8» و«737 ماكس 9». وطلبت إدارة الطيران الفيديرالية، أحد المنظمين الرئيسين للنقل الجوي، من المصنع الأميركي القيام بالتعديلات قبل نهاية نيسان/ أبريل المقبل، في بعض البرمجيات، وفي برنامج التحكم المسمّى «نظام تعزيز خصائص المناورة» (أم سي ايه أس) المصمّم من أجل تفادي سقوط الطائرة. وعلى «بوينغ» أيضاً تحديث الكتيّب المخصّص لتدريب قادة الطائرات.
من جهتها، أعلنت «بوينغ» أنها ستزود كل طائرات الركاب من طراز «بوينغ 737 ماكس» ببرامج جديدة في الأسابيع القريبة المقبلة. وأكدت الشركة أن لديها «ثقة تامة» في سلامة أسطول طائراتها من هذا الطراز. وقالت: «ندرك أن الهيئات التنظيمية والزبائن اتخذوا قرارات اعتقاداً منهم بأنها الأكثر ملاءمة لأسواقهم الداخلية»، مضيفة أن إدارة الطيران الاتحادي الأميركية «لم تتخذ أي إجراء إضافي في هذا التوقيت، وأنه بناءً على المعلومات المتاحة حالياً فليس لدينا ما يدعو إلى إصدار توجيهات جديدة لشركات الطيران».