بعد محاولات يبدو أنها باءت بالفشل، خضع زعيما أكبر حزبين في بريطانيا لضغوط نوابهما، إذ استسلم رئيسا حزب «العمّال» و«المحافظين»، جيريمي كوربن وتيريزا ماي، أخيراً، وتحرّكا لمنع وقوع مزيد من الاستقالات من الحزبين. ففي أول إنجاز حققته مجموعة النواب الذين استقالوا في الأيام القليلة الماضية، رمت ماي كرة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست» في ملعب البرلمان البريطاني، فيما قرر كوربن تبني مطالب «العُماليين»، معلناً دعمه إجراء استفتاء ثانٍ في حال عدم إقرار خطة الخروج.في النتيجة، استطاع المستقلون الـ12 تعديل مسار «الطلاق» الذي أحدث فوضى كبيرة في الداخل البريطاني منذ ثلاثة أشهر، أي تاريخ إبرام رئيسة الوزراء الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وفي كلمة أمام مجلس العموم أمس، قالت ماي إن الحكومة مستعدة لمنح البرلمان التصويت على تأجيل موعد بريكست إن لم تنجح صفقتها للخروج في تجاوز امتحان التصويت البرلماني، مضيفة أنها تتعهد بثلاثة أمور، أبرزها أنها ستضع صفقتها المعدلة أمام البرلمان لتصويت ملزم يوم الثلاثاء في 12 الشهر المقبل.
نجح المستقيلون الـ12 في التأثير بمسار «بريكست» (أ ف ب )

وإذا خسرت الحكومة التصويت، فإنها ستتقدم بمقترح التصويت على شعبية الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق في موعد أقصاه الـ13 من الشهر المقبل. كذلك، تعهدت ماي بأنها ستمنح البرلمان حق التصويت على تمديد موعد «بريكست» لوقت قصير ومحدود، ولمرة واحدة فقط، في موعد أقصاه الـ14 من الشهر المقبل، وذلك في حال رفضِ البرلمان الخيارين السابقين.
هذه «التنازلات»، التي تقدمت ماي بها، لم تمنعها من معاودة تأكيد أنها «لا ترغب في تمديد بريكست»، معللة ذلك بأنه «في حال تمديده ثلاثة أشهر، ستضطر بريطانيا إلى الدخول في انتخابات البرلمان الأوروبي». وهي تسعى من هذه الخطوة إلى إرضاء المعارضين داخل حزبها لـ«بريكست» دون اتفاق، بعد نشر صحيفة «ذي ديلي مايل» مقالة كتبها الوزراء المؤيدون للبقاء في الاتحاد، قالوا فيها إن «هذا الالتزام من ماي سيكون محط ترحيب وارتياح لدى غالبية كبيرة من النواب والشركات والعاملين في بريطانيا». وذكرت الصحيفة أمس أيضاً أن 23 «منشقاً» عن «المحافظين» اجتمعوا سراً مساء أول من أمس لتحديد استراتيجيتهم، وأن 15 عضواً في الحكومة مستعدون للاستقالة لمنع خروج «من دون اتفاق».
بموازاة ذلك، ونتيجة المخاوف نفسها، أعلن «العمال» دعمه الرسمي للاستفتاء الثاني على خروج البلاد من التكتل الأوروبي، مشيراً إلى أنّ هذا الاستفتاء يجب أن يشمل خيار البقاء في الاتحاد وليس الخروج دون اتفاق. في هذا السياق، نقلت إذاعة «بي بي سي» عن وزير «بريكست» في حكومة الظل (العمال) المعارضة، كير ستارمر، أنه إذا تبنى البرلمان خطة ماي، فإن سياسة «العُمال» ستكون في «الدفع نحو استفتاء ثانٍ يكون البقاء في الاتحاد خياره الثاني». وأضاف ستارمر: «اتفقنا (أول من) أمس، كحزب العمال، أنه في حال إقرار صفقة ماي، يجب أن تكون مشروطة بتصويت شعبي، وفقاً لما قاله جيريمي (كوربن)». هكذا، يهدف «العمّال» إلى تفادي الخروج «المدمّر» الذي يريده «المحافظون»، الأمر الذي زاد الضغط على ماي.