لا تزال رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، تواجه خطراً متنامياً يتمثل في أن تضطر إلى تأجيل انسحاب بلادها من الاتحاد الأوروبي، «بريكست»، المقرّر نهاية الشهر المقبل، في خطوة تُنذر بمواجهة مع المناهضين للتكتل في صفوف حزب «المحافظين» الذي تترأسه، قبل أسابيع من موعد الخروج. وعلى رغم جهودها الحثيثة لإحداث «اختراق» في الاتفاق المُبرم مع الأوروبيين، والمرفوض في الداخل البريطاني بسبب «خطة المساندة» المرتبطة بإيرلندا، تواجه ماي صعوبات لإدخال التعديلات المطلوبة، حتى تتمكن من الحصول على موافقة البرلمان.وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أن الاتحاد الأوروبي يدرس خططاً لتأجيل موعد «بريكست» حتى بداية عام 2021، في ظلّ الإحباط من طريقة تعامل الحكومة البريطانية مع المفاوضات. وأضافت الصحيفة، نقلاً عن مصادر مطلعة، أمس، أن الرؤية الأوروبية تشمل استبدال الفترة الانتقالية التي تتعلق بتمديد عضوية بريطانيا في الاتحاد، لفَسح المزيد من الوقت أمام المفاوضات، علماً بأن الترتيبات الحالية تشمل فترة انتقالية تمتدّ حتى نهاية عام 2020، تلتزم فيها بريطانيا قواعد الاتحاد الأوروبي، ولكنها تكون خارجه ابتداءً من 30 آذار/ مارس 2019.
يونكر وماي خلال اجتماع على هامش قمة شرم الشيخ أمس (أ ف ب )

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي قوله إن «تأجيل الخروج 21 شهراً أمر منطقي، لكونه يغطي الإطار المالي المتعدد (فترة الميزانية الأوروبية)، ويسهّل من الأمر»، متوقعاً التأجيل 21 شهراً.
من جانبها، نقلت «ذي غارديان» عن مصادرها قولها إن «حالة من الاستغراب تسود بروكسل من تصرفات وزير بريكست البريطاني، ستيفن باركلي، الذي يصف زياراته لبروكسل بأنها مفاوضات، بينما عملياً لا يزال الاتحاد في انتظار مقترحات عملية بديلة من الجانب البريطاني». وترافق كلام الصحيفة مع تصريح لوزير الدولة لشؤون الدفاع البريطاني، توباياس إلوود، الذي قال إن رئيسة الوزراء تتجه لطلب «تأجيل موعد بريكست، وأنه سيصوت للتمديد، حتى وإن لم تدعمه ماي». وأشارت صحيفة «ذي تليغراف» البريطانية، بدورها، إلى أن ماي «تدرس خطة سيؤجَّل بموجبها انسحاب بريطانيا لفترة تصل إلى شهرين»، مضيفة أن مسؤولي الحكومة البريطانية «أعدّوا سلسلة من الخيارات جرى تداولها في مطلع الأسبوع، في محاولة لتفادي استقالة وزراء». ومن بين هذه الخيارات تقديم طلب رسمي لبروكسل لتأجيل الخروج، إذا لم تستطع ماي ضمان إقرار البرلمان اتفاقاً لـ«بريكست» بحلول الشهر المقبل.
في غضون ذلك، وعلى الرغم من الجو السلبي المُشاع حول الخروج، إلا أن ماي واصلت جهودها لحلحلة العقدة مع بروكسل. والتقت، أمس، على هامش القمة العربية ـــ الأوروبية التي انعقدت في مصر، قادة التكتل، في محاولة لحشد الدعم، ما قد يحفز برلمان بلادها على الموافقة على الاتفاق. ووصف رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، الاجتماع بـ«الجيد والبنّاء»، فيما قال مسؤول أوروبي إن احتمال تمديد محادثات الخروج طرح «بنحو خاطف» أثناء اجتماع مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إذ ظهرت مؤشرات أخرى على أن الحكومة تبحث الخيارات المتاحة إذا فشل اتفاق ماي في الحصول على موافقة البرلمان، بما في ذلك تأجيل محتمل للانسحاب. وفي السياق ذاته، أفادت صحيفة «بوليتيكو»، أمس، بأن ماي وميركل ناقشتا آخر تطورات الخروج، مضيفة أن ميركل «ضغطت على ماي على خلفية مزاعم الصحافة البريطانية التي تُفيد بأن لندن قد تسعى لتمديد فترة التفاوض على المادة 50».
من جهته، عاد رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، إلى التصريحات الحادة والسلبية، إذ قال إن «تمديد الموعد النهائي لخروج بريطانيا بات الحل المنطقي حالياً»، لافتاً إلى أن ماي ناقشت عدداً كبيراً من القضايا، بما في ذلك السياق القانوني والإجرائي لاحتمالات التمديد. ورأى توسك أن الأمر بات واضحاً، وهو أن البرلمان البريطاني لم يوافق بأغلبية على الاتفاقية، وبالتالي فهناك بديل واحد، هو «إما الفوضى أو التمديد».