لم تترك روسيا التصعيد الأميركي الأخير تجاهها، المتمثّل في إعلان واشنطن انسحابها من معاهدة «القوى النووية المتوسطة المدى» في غضون ستة أشهر، من دون ردّ. إذ اتخذت موسكو إجراءً مماثلاً، ما زاد من حدة التوتر بين البلدين. وبعد أيام من إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تعليق العمل بالمعاهدة، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قوله إن بلاده «ستنسحب من معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى في غضون ستة أشهر، في إطار رد متناسب على انسحاب الولايات المتحدة منها». وأضاف: «لقد حدد الرئيس فلاديمير بوتين موقفنا، ومفاده أننا سنرد بشكل مماثل تماماً». وأشار لافروف إلى أن الأميركيين «علّقوا التزامهم المعاهدة، وفعلنا الشيء نفسه، وعند انتهاء مهلة الأشهر الستة المنصوص عليها في المعاهدة، ونتيجة للمذكرة الرسمية الأميركية بانسحاب واشنطن، سننهي سريانها من جهتنا».في المقابل، ووسط مخاوف من اندلاع سباق تسلّح بين الولايات المتحدة وروسيا، تعهّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بعد ساعات من تعهّد موسكو بتطوير منظومتين جديدتين من الصواريخ خلال السنتين المقبلتين، بأن تتفوق بلاده «على روسيا في الإنفاق على برامج الصواريخ»، مضيفاً، خلال خطاب حال الاتحاد أمام الكونغرس الأميركي أمس، أن واشنطن «لا تستبعد إمكانية تطوير اتفاقية أخرى للحدّ من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى تشمل الصين»، لكن من دون تأكيد ذلك.
الدفاع الروسية: إطلاق ناجح لصاروخ متعدد الرؤوس عابر للقارات


وعلى الرغم من أن انسحاب واشنطن من المعاهدة يُنذر بتطويرها أنواعاً جديدة من الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، فإن بوتين كان قد أعلن خلال اجتماع مع كلّ من لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو، أن «بلاده لن تردّ بنشر مثل هذه الأسلحة إلّا إذا قامت الولايات المتحدة بمثل هذه الخطوة»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن بلاده «ستبدأ بإنتاج صواريخ جديدة، من بينها صاروخ أسرع من الصوت». وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، إطلاقاً ناجحاً لصاروخ متعدد الرؤوس عابر للقارات من طراز «RS ــــ 24 يارس»، من مطار «بليسيتسك» الفضائي شمال غرب البلاد، وإصابة أهدافه بدقة. وقالت الوزارة، في بيان، إن «الرؤوس التدريبية للصاروخ أصابت أهدافها بدقة في ميدان الرماية (كورا) بشبه جزيرة كامتشاتكا في الشرق الأقصى الروسي قاطعة آلاف الكيلومترات». وتأتي هذه الخطوة عقب إطلاق موسكو في أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، صاروخاً عابراً للقارات أسرع من الصوت، وصفته بأنه «صاروخ لا يقهر»، ولا تستطيع أي من أنظمة الدفاع الجوي الحالية إسقاطه.
بالموازاة، أعلن مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، أن روسيا «لا تتخلى عن إجراء مزيد من المفاوضات حول المعاهدة»، مشيراً إلى أنه لا يزال لدى الولايات المتحدة الوقت لإعادة التفكير. وقال أوليانوف إن بلاده «لا تغلق الباب أمام مزيد من المفاوضات، لكنها دون تهديدات وانفعالات مفرطة، بشكل هادئ ومتوازن، تتخذ إجراءات جوابية متناسبة تماماً، أي ذات طابع انعكاسي في جوهرها، في المجال العسكري ــ التقني». وأكد المندوب أنه إذا كان أحد يتوقع أن روسيا «تخضع للابتزاز، فإن هذه الآمال لم تتحقق»، لافتاً إلى أن «الكرة الآن في الملعب الأميركي ــــ الأطلسي، وبصفة عامة لا يزال لدى واشنطن والناتو (حلف شماليّ الأطلسي) الوقت لإعادة النظر في مسارهما من أجل الحفاظ على المعاهدة».