طهران | تتكل الولايات المتحدة، بمساعدة السعودية، على استراتيجية «الصدمة النفطية»، بهدف شلّ الاقتصاد الإيراني. استراتيجيةٌ استُخدمت المملكة لتحقيقها من قَبل في وجه الاتحاد السوفياتي، حين لعبت الرياض دوراً أساسياً في تخفيض أسعار النفط منتصف ثمانينيات القرن الماضي، الأمر الذي أسهم في انهياره. أزمات صعبة يعيشها قطاعا النفط والغاز في إيران اليوم بعد انهيار سعر الريال الإيراني من جهة، والعقوبات الأميركية التي دخلت حيز التنفيذ أخيراً من جهة أخرى. عقبات وَضعت الجمهورية، التي تُعدّ من بين الدول الأساسية في إنتاج النفط في العالم، أمام تحدٍّ جديد وجولة أخرى من الحرب الاقتصادية التي تخوضها أميركا ضدها منذ أربعة عقود، ما يدفعها إلى العمل أكثر على ما تسميه سياسة «الاقتصاد المقاوم» و«الاقتصاد الذكي» للحفاظ على أهم القطاعات في البلاد. في هذا السبيل، يعتقد خبراء إيرانيون أن لدى بلادهم حلولاً بديلة، وهذه المرة بشكل أوسع من السابق، في ظلّ الانقسام الدولي على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي. اتبعت طهران، للمرة الأولى، جاهدة في اختراق الإرادة الأميركية لخنق نفطها، طريق بيع النفط في البورصة مرّة أسبوعياً لكيانات وأفراد من القطاع الخاص تبقى هوياتهم سرية، بدلاً من بيع الشركات الأجنبية مباشرة، ما يصعّب مهمة الولايات المتحدة في مراقبة المبيعات وإيقافها.
لكن الرهان الإيراني الأساسي على كسر مشروع «تصفير النفط» وتجفيف التصدير يكمن في معرفة احتياجات السوق العالمية. يؤكد الرئيس الحالي للجنة التعامل النفطي مع الدول الأجنبية والمندوب السابق لإيران لدى «أوبك»، محمد علي خطيبي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «من المستحيل خفض صادرات إيران النفطية إلى الصفر، على الرغم من انخفاض الأسعار وتراجع عمليات التصدير مع انطلاق العقوبات. فاليوم يبدو واضحاً عالمياً أنه، بعد تراجع إنتاج فنزويلا العضو في أوبك، وتفاقم الوضع بينها وبين أميركا، ونقص الإمدادات بشكل عام، لا توجد طاقة فائضة في أي مكان، الأمر الذي يحافظ على مكان إيران في مجال صادرات النفط العالمية رغم محاولة تقليصها».
مع ذلك، يقرّ خطيبي بأن التحديات لن تكون سهلة؛ إذ إن «عمليات الابتزاز الأميركية في العالم والمنطقة لن تتوقف، ولن يكون مستغرباً فرض عقوبات على المملكة العربية السعودية حتى، فترامب يسعى من خلال سياسته للحصول على نفط الدول بسلاسة على مدى أعوام طويلة، ولا يقدّر أي حليف، فضلاً عن المحاولات الدائمة للسعودية والإمارات العربية المتحدة لتحويل المنظمة الدولية إلى وسيلة بيد أميركا من خلال السعي إلى رفع الإنتاج طمعاً في الحصول على حصة إيران داخل المنظمة، وبالتالي إبعادها عن السوق العالمية ليتسنى حينها لأميركا ابتزاز دول منتجة أخرى مثل روسيا وفنزويلا». 
بعد تراجع إنتاج فنزويلا لا توجد طاقة فائضة في أي مكان


لكن هل ستنجح هذه الضغوط؟ يلفت خطيبي إلى أن «أميركا تبيع من احتياطيها من النفط الخام، وهذا يظهر أن المنتجين الآخرين ليسوا في وضع يسمح لهم بزيادة الإنتاج، فروسيا والسعودية مثلاً تعمدان إلى رفع الإنتاج من خلال احتياطيهما لخفض الأسعار والبيع. وقد أخبرنا ترامب من قبل أنه سيلجأ إلى احتياطيه، لأن البلدين المذكورين غير قادرين على زيادة إنتاج النفط الخام» مضيفاً: «أما نحن فقادرون على ذلك، ودول أوبك وغير أوبك تعلم ذلك جيداً». ويختم بالقول: «نحن نتلقى عروضاً جديدة لتصدير النفط، آخرها كان من اليابان التي استأنفت شراء النفط الإيراني، حيث استوردت مصفاتا شوفيا شل وفوجي أويل مليون برميل من النفط الخام الإيراني، فضلاً عن المفاوضات الموسعة مع شركات خاصة تركية».

أسواق جديدة
بعد دخول العقوبات الجديدة شهرها الثاني، وعلى الرغم من تراجع تصدير إيران للنفط، قررت طهران الاستمرار في خطة زيادة الإنتاج التي كانت قد وضعتها مطلع العام الحالي، وخصوصاً في جزيرتَي أبو ذر وخارك اللتين تُعدّان من أهم الجزر المنتجة للنفط الخام في إيران والعالم. ويوضح خبراء إيرانيون أن هذه الزيادة لن تكون عبئاً على الدولة الإيرانية، فهناك نقص عالمي لا يمكن سدّه، ومن شأن هذا النقص أن يخلق أسواقاً جديدة لإيران عبر شركات خاصة، أو حتى دول تحصل على استثناء كغيرها، أو حتى من دون استثناء نظراً إلى الصعوبات التي ستواجهها الدول المنتجة مستقبلياً في زيادة الإنتاج.
وفي هذا السياق، يقول الخبير النفطي، حسن زاده، لـ«الأخبار»، إنه تم في 30 كانون الثاني/ يناير 2018 تركيب منصتين في جزيرة أبو ذر، وقد استغرق تركيبهما حوالى 90 يوماً فقط، مع احتساب عمليات الشحن والتركيب والظروف الجوية التي أعاقت العمل أحياناً، حيث أنجزت المنصات بإدارة وقيادة شركات محلية، ما يعكس الإمكانيات التي بلغتها الشركات في الصناعات البحرية. وأوضح أن حقل أبو ذر يُعدّ من الحقول الإيرانية في الخليج، ويقع قبالة محافظة بوشهر (جنوب غرب) على مسافة 75 كلم من جزيرة خارك ( المنتجة للنفط أيضاً)، وتبلغ طاقة إنتاجه 80 ألف برميل يومياً لكل منصة، حيث يتراوح إنتاج الحقل بين 195 و220 ألف برميل يومياً. ويستحوذ حقل أبو ذر النفطي على الحصة الكبرى من حجم إنتاج إيران من الخليج، حيث شملت عمليات الحفر فيه 107 آبار حتى الآن، فيما يتم الانتفاع من 67 بئراً. وتُقدّر احتياطيات هذا الحقل البحري من النفط الخام بنحو 4 مليارات برميل، بقابلية استخراج 20 في المئة.



«كروز» جديد بمدى 1350 كلم
كشفت إيران، بمناسبة مرور 40 عاماً على انتصار الثورة، عن صاروخ أرض ـــ أرض مجنّح جديد بحوزة قواتها المسلحة. ويحمل الصاروخ اسم «هويزة»، وهو ينتمي إلى فئة «سومر» التي كشف النقاب عنها في 2015، وفق ما أشار إليه وزير الدفاع أمير حاتمي. وقال حاتمي، أثناء مراسم الإعلان عن «هويزة»: «لا يحتاج هذا الصاروخ إلا لوقت قصير جداً للاستعداد، ويمكنه الطيران على ارتفاع منخفض». وأكد الوزير الإيراني أن الصاروخ أصاب أهدافاً على بعد 1200 كلم خلال تجربته. وفي كلمته في المناسبة نفسها، أكد قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري، أمير علي حاجي، إن بلاده تغلبت على المشكلات الأولية في إنتاج محركات نفاثة لصواريخ كروز، وإنه بات يمكنها الآن أن تصنع مجموعة شاملة من الأسلحة.
ونشر موقع وزارة الدفاع تسجيلاً مصوراً يظهر إجراء القوات الإيرانية اختباراً لـ«هويزة» من منصة إطلاق. في غضون ذلك، رفض نائب قائد الحرس الثوري، العميد حسين سلامي، التفاوض على تعزيز القدرات الصاروخية، مؤكداً أنها سياسة استراتيجية لن يجري التخلي عنها، وقال: «إذا سعت الدول الأوروبية أو غيرها لنزع السلاح الصاروخي لإيران سنُجبر على اتخاذ خطوة استراتيجية».
(الأخبار)