استجابت المعارضة الفنزويلية، أمس، لدعوات زعيمها، رئيس البرلمان المدعوم أميركياً والذي نصّب نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد، خوان غوايدو، وخرجت في تظاهرات مناهضة للرئيس نيكولاس مادورو. وتركزت شعارات المعارضين على طلب رحيل مادورو، ووقوف القوات المسلحة إلى جانب انقلاب غوايدو. ولم تُسجَّل أعمال عنف أثناء التظاهرات، فيما أظهرت الصور التي بثتها وكالات الأنباء قوات الأمن ومكافحة الشغب تقف في الشوارع التي شهدت مسيرات احتجاجية، من دون ورود أنباء عن احتكاكات مع أنصار المعارضة. وشارك غوايدو في التظاهرات، وألقى كلمة تحدث فيها عن «تشكيل تحالف دولي للتعامل مع الوضع الملح». وفي مقابلة أمس مع صحيفة «بيلد» الألمانية، طلب من الاتحاد الأوروبي فرض «مزيد من العقوبات» على بلاده، على غرار الإجراءات الأميركية، وأضاف مبرراً مطلبه: «نحن في دكتاتورية ويجب ممارسة ضغوط».وقبيل التظاهرات، تلقى غوايدو جرعة دعم من الإدارة الأميركية، تمثّلت بتواصل هاتفي أجراه معه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أكد فيه الأخير دعمه لما اعتبره «كفاح فنزويلا من أجل استعادة الديمقراطية». وبحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، فإن ترامب تحدث إلى غوايدو «لتهنئته بتولي الرئاسة في خطوة تاريخية، وليؤكد دعمه القوي لكفاح فنزويلا من أجل استعادة ديمقراطيتها». وأفادت ساندرز بأن الرجلين «اتفقا على الاستمرار في التواصل بصورة منتظمة لدعم مسار فنزويلا الذي يعيدها إلى الاستقرار، ولإعادة بناء العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وفنزويلا».
وحتى ليل أمس، بدا أن اليوم الأول لجولة الاحتجاجات التي دعا إليها الرئيس الانقلابي مرّت من دون تطورات أمنية، وفي الوقت نفسه من دون استجابة الجيش لدعوة تأييد الانقلاب، فيما من المنتظر أن تتجدد التظاهرات السبت المقبل. في الأثناء، ظلّت صورة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، وهو يحمل كراسة ملاحظات كُتب عليها «5 آلاف جندي إلى كولومبيا»، مثار جدل حول نيات واشنطن تجاه الأزمة الفنزويلية. وزادت من المخاوف أنباء عن توجه الميجر جنرال مارك ستامر، القائد في الجيش الأميركي، أمس، إلى كولومبيا. هذه المعلومات، وخصوصاً دور كولومبيا في الهجوم الأميركي المركّز على فنزويلا واحتمالات تطوره أمنياً وعسكرياً، تتعاطى معه كاراكاس جديّاً. وفي مواقفه أمس، اتهم الرئيس مادورو عسكريين منشقين قال إنهم «تحولوا إلى مرتزقة بخدمة الأوليغارشية الكولومبية» بالتآمر لتقسيم القوات المسلحة، محذراً من أنه «حيث يظهر خائن سنحقق العدالة بحقّه».
لا يمانع الرئيس نيكولاس مادورو إجراء انتخابات تشريعية مبكرة


مادورو، الذي ظهر أمس بين مئات الجنود وهو يشرف على التدريبات العسكرية التي تجريها القوات الفنزويلية، دعا الجيش إلى التوحد في مواجهة الولايات المتحدة والانقلاب. وفي مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي» الروسية الرسمية، أعلن تأييده إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، واعتبر أن ذلك سيكون «شكلاً جيداً من النقاش السياسي، حلاً جيداً من خلال التصويت الشعبي»، لكنه أضاف أن «الانتخابات الرئاسية أجريت منذ أقلّ من عام، منذ عشرة أشهر. إن أراد الإمبرياليون انتخابات (رئاسية) جديدة، فلينتظروا عام 2025». وفي رسالة عبر الفيديو، رأى مادورو أن الولايات المتحدة تريد وضع يدها على الثروات النفطية في بلاده «كما فعلت في العراق وليبيا»، وزاد بالقول: «أريد أن أبعث برسالة إلى شعب الولايات المتحدة لتنبيهه إلى حملة الإعلام والاتصالات والحرب النفسية التي تشعلها وسائل الإعلام الدولية، وخاصة وسائل الإعلام الأميركية ضد فنزويلا... أطلب دعم شعب الولايات المتحدة حتى لا تكون هناك فييتنام جديدة».
وتواصل الحكومات الأوروبية، خلف واشنطن، ضغوطها على كاراكاس. ومن المقرر أن يجتمع اليوم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بوخارست للتباحث في شأن الأزمة الفنزويلية، وتدارس الرد بعد انقضاء مهلة الأيام الثمانية التي منحها الاتحاد لكاراكاس للدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. وعلّق، أمس، وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، على مبادرة الرئيس مادورو حول الانتخابات التشريعية المبكرة، معتبراً أن ذلك «لا يشكل استجابة للطلب الأوروبي... سنجتمع غداً في بوخارست لتحديد الموقف الواجب اتخاذه من عدم استجابة الرئيس مادورو». بالموازاة، قال وزير الخارجية الإسباني جوزيب بوريل، إن «إسبانيا والاتحاد الأوروبي يعارضون تماماً أشكال التدخل العسكري كافة في فنزويلا»، مضيفاً أن «التدخل العسكري تعبير ملعون في أميركا اللاتينية، من شأنه العودة بالأمور إلى أزمان لا يرغب أي شخص في العودة إليها». وفي موقف مشابه، حذّر مساعد وزير الخارجية اليوناني، يورغوس كاترولوس، من أن تتحول فنزويلا إلى «نموذج ليبي في أميركا الجنوبية». ودعا المسؤول اليوناني إلى قيام الدول المؤثرة في الاتحاد الأوروبي بأداء دور الوساطة، مشدداً على أن «الحوار السياسي هو الطريق الوحيد للتغلب على هذه الخلافات».