تسعى رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إلى التسريع في الخروج من الاتحاد الأوروبي، بلا اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، في ظل المعارضة القوية التي باتت تسيطر على مجلس العموم للاتفاق الذي توصلت إليه مع الأوروبيين حول خروج بريطانيا من الاتحاد يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر. إذ وافقت الحكومة، أمس، على أن تجعل الإعداد لاحتمال خروج لندن من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق «أولوية». وقال الناطق باسم ماي إن لندن «ستبدأ في وضع خطط للتعامل مع خروجها المحتمل من الاتحاد الأوروبي من دون التوصل إلى أي اتفاق... الخطط ستشمل إبلاغ المواطنين والشركات بالاستعداد لهذا الاحتمال»، مضيفاً: «الوقت قد حان لوضع خطط مكثفة للتعامل مع احتمال الخروج من دون اتفاق»، لكنه أشار إلى أن التوصل إلى اتفاق في شأن هذا الخروج المقرر في آذار/ مارس المقبل «لا يزال هو السيناريو الأرجح». وقال الناطق: «اتفق مجلس الوزراء، في ظل أن الفترة المتبقية على الخروج من الاتحاد تزيد بقليل على ثلاثة أشهر، على أننا وصلنا إلى نقطة صرنا فيها بحاجة إلى تكثيف تلك الاستعدادات. وهذا يعني أننا سنبدأ في وضع العناصر الباقية (لإتمام) خططنا للخروج من دون اتفاق».من جانبه، أعلن وزير الدفاع غافين وليامسون وضع «3500 جندي بحالة جاهزية تحسباً لأي طارئ في حال عدم إقرار اتفاق ينظم خروج البلاد من الاتحاد». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن وليامسون قوله أمس: «نعدّ خطط طوارئ... الجنود سيكونون جاهزين لدعم أي إدارة حكومية في التعامل مع أي طارئ». إلا أن وزير «بريكست» ستيف باركلي، قال إن الوزراء «ما زالوا يأملون في الحصول على تأييد لاتفاق ماي في مجلس العموم في التصويت الذي جرى تأجيله حتى الشهر المقبل». وأضاف: «لقد اتفقنا على أن الإعداد لعدم التوصل إلى اتفاق سيكون أولوية تشغيلية للحكومة... ولكن أولويتنا الكلية تبقى الحصول على اتفاق». وأوضح أن الوزارات ستكثف نصائحها للشركات حول أفضل الطرق للاستعداد لهذا السيناريو الذي يخشى الكثيرون أن تكون له تبعات كارثية على الاقتصاد البريطاني.
لن تمنح الحكومة وقتاً في البرلمان لمناقشة التصويت على سحب الثقة من ماي


وبلقائها بأعضاء مجلس وزرائها أمس، تكون ماي قد أعلنت تحدي «حزب العمال» المعارض، الذي هدد بتقديم طلب لسحب الثقة من الحكومة، بعد أن ضمنت دعم نواب حزبها و«الحزب الاتحادي الديموقراطي» الإيرلندي. وكان زعيم «العمال»، جيريمي كوربن، قد دعا خلال جلسة للبرلمان، بحضور ماي، إلى إجراء اقتراع بسحب الثقة من رئيسة الوزراء لعدم سماحها للبرلمان بالتصويت فوراً على الاتفاق الذي توصلت إليه في شأن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، بل تأجيله إلى الأسبوع الثالث من الشهر المقبل، الأمر الذي دفع بماي إلى ترك مقعدها ومغادرة الجلسة. وبعد رفضها الدعوة إلى تصويت جديد في شأن «بريكست» قبل 14 كانون الثاني/ يناير، قدّم كوربن مذكرة سحب الثقة بماي. ويريد «العمال» أن يجري التصويت على سحب الثقة قبل بداية عطلة نهاية العام الممتدة بين 21 كانون الأول/ ديسمبر إلى 6 كانون الثاني/ يناير. وقال كوربن إنه «من غير المقبول أن ننتظر شهراً حتى نقوم بالتصويت على مسألة خطرة تتعلق بمستقبل بلادنا». يُذكر أن التصويت على سحب الثقة من رئيسة الوزراء، وليس من الحكومة، هو أمرٌ رمزي، إذ إنه لا يجبر ماي قانونياً على الاستقالة، لكنه في حال نجح سيمثل ضغطاً سياسياً كبيراً على ماي لتقديم استقالتها.
لكن نجاح الخطوة ليس مضموناً، فالحكومة التي يرجع إليها وحدها قرار تنظيم نقاش وتصويت على مثل هذه المذكرة، تعتزم وقفها. إذ نقلت وكالة «برس أسوشيايشن» البريطانية عن مصدر في الحكومة تأكيده أن الأخيرة لا تريد «منح الوقت لهذه الضربة الدعائية». ورأى وزير الإسكان في حكومة الظلّ العمالية جون هايلي، في حديث إلى إذاعة «بي بي سي 4» أن «السؤال هو معرفة متى وليس إن كنا سنسقط الحكومة بتصويت سحب الثقة». لكن مثل هذه المذكرة لا تملك حظوظاً كبيرة في النجاح في الوقت الراهن لأن الحكومة نالت دعماً من مؤيدي «بريكست» بالإضافة إلى دعم حليفها الإيرلندي الشمالي، الحزب الوحدوي «دي أو بي». كما أعلن النائب المناهض للاتحاد الأوروبي جاكوب ريس موغ، الذي كان وراء تصويت حجب الثقة الذي أجراه «المحافظون» ونجت منه ماي، الجمعة الماضي، لإذاعة «بي بي سي 4»، أنه سيدعم «دائماً الحكومة المحافظة».



الشركات في الصين متفائلة
بيّنت دراسة قامت بها غرفة التجارة البريطانية في الصين، ونشرت أمس، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون له أثر إيجابي على الشركات البريطانية العاملة في الصين. ولدى خروجها من الاتحاد، ستوقّع بريطانيا اتفاقاتها المنفصلة للتبادل التجاري الحرّ مع شركاء اقتصاديين آخرين، خصوصاً الصين ثاني قوّة اقتصادية في العالم. ولذلك، فإنّ 47 في المئة من الشركات البريطانية التي استفتتها غرفة التجارة تنتظر أن يكون لـ«بريكست» أثراً إيجابياً لعائداتها الاقتصادية في الصين، فيما رأت 8 في المئة من الشركات العكس. وأكثر المتفائلين هم شركات البناء وشركات الخدمات المالية، وفق ما أظهرت الدراسة التي شملت 212 مؤسسة. ولا تشعر الشركات البريطانية في المقابل بالقلق من خطر خروج لندن من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق، فقد قالت 56 في المئة منها إن ذلك لن يؤثّر في قيمة أعمالها في الصين، مقابل 24 في المئة تنتظر أثراً سلبياً، نسبة أعلى بقليل من نسبة الشركات التي تتوقّع أثراً إيجابياً على أعمالها.
(أ ف ب)