انصرفت إيران إلى ترتيب أوراقها ما بعد دخول العقوبات الأميركية حيز التنفيذ. وإذ تتوجه الأنظار إلى قنوات التفاف طهران على إجراءات الحظر، أعطت الاستثناءات التي قدمتها واشنطن لثماني دول، فرصة أكبر للمناورة الإيرانية. ودخلت الإعفاءات المؤقتة مرحلة الاختبار، حتى انتهاء الأشهر الستة الممنوحة للدول المستوردة للنفط الإيراني. يريدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مهلة تتدرج بالعقوبات، بدل إحداث صدمة في الأسواق وارتفاع الأسعار، وفق ما قال أمس، مجدداً تمسكه بهدف «تصفير» النفط الإيراني.لكن في إيران، التعبير عن الثقة بعجز الولايات المتحدة عن الوصول إلى هذا الهدف، يكرره المسؤولن باستمرار. وفق النائب الأول للرئيس، إسحاق جهانغيري، ستعمل الحكومة على تخفيف وطأة العقوبات إلى أدنى درجة، وواحدة من السبل إلى ذلك زيادة الإنتاج الذي سيكون وفق المسؤول الإيراني «أبرز مظاهر الخسارة الأميركية... سنهزم أميركا وعقوباتها بالصمود الذي سيظهره قطاع الإنتاج». ويتوقع مراقبو الأسواق والبيانات التجارية أن تصدير النفط الإيراني، سينتعش في الأشهر المقبلة، بعد أن تريثت الدول المطالبة بإعفائها من العقوبات في إتمام عدد من الصفقات. فحصول 75 في المئة من صادرات إيران المنقولة بحراً، على الإعفاءات، سيزيد من عمليات المستوردين، ومن بينهم اليابان التي أعلن وزيرها للتجارة والصناعة، هيروشيجي سيكو، أن شركات يابانية بصدد العودة إلى استيراد النفط الإيراني. لكن الإعفاءات للدول الثماني «ليست كافية» ولن تلبي طلب السوق، بحسب وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة، الذي توقع «أياماً صعبة» لمستهلكي النفط في العالم خلال الأشهر المقبلة. بدوره، نفى وزير النفط العراقي ثامر غضبان، في تصريح لوكالة «رويترز»، أن يكون قد جرى معرفة الانخفاض النفطي الفعلي الناجم عن العقوبات، الذي على أساسه ستحدد دول «أوبك» كيفية تعاملها في اجتماع مقرر لمنظمة الشهر المقبل.
قرقاش يرد على تضامن «حماس»: مشروع أداة إيرانية!


وكررت تركيا تمسكها برفض العقوبات على جارتها إيران، وقال الرئيس رجب طيب أردوغان، إن التدابير الأميركية «مخالفة للقانون والدبلوماسية»، مضيفاً: «لا نعتبر هذه العقوبات جيدة. إنها برأينا عقوبات تهدف إلى بلبلة توازن العالم». وحضرت العقوبات على طاولة البحث في موسكو بين الرئيس فلاديمير بوتين ومجلسه الأمني، ونقل المتحدث باسم الكرملين أن بوتين وصف الإجراءات الأميركية بأنها «غير مشروعة». الموقف نفسه أدلى به وزير الخارجية سيرغي لافروف، الذي وضع التدابير في إطار «خرق واضح لقرارات مجلس الأمن الدولي»، مشيراً إلى إمكانية إيجاد سبل للتعاون الاقتصادي مع إيران. وفي بغداد، أكد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أمس، أن بلاده ليست «جزءاً من منظومة العقوبات»، فيما اكتفى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالرد على سؤال بشأن العقوبات بالقول: «عدم الاستقرار يؤثر علينا جميعاً»، بحسب ما نقلت عنه صحيفة «اليوم السابع».
وفي وقت بدا فيه لافتاً غياب المواقف السعودية المتوقعة لدعم الخطوات الأميركية ضد إيران، حرصت الإمارات على إظهار تجاوب مع التدابير الأميركية. وكانت أبو ظبي قد أعلنت، الأحد الماضي، في اجتماع لـ«المجلس الأعلى للبترول» ترأسه ولي العهد محمد بن زايد، تعزيز الإنتاج واعتماد خطة عمل جديدة للسنوات الخمس المقبلة، بدت محاولة لإعلان الالتزام بتعويض الإنتاج الإيراني. وأمس، شنّ وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، هجوماً لاذعاً على حركة «حماس» لكونها أعلنت موقفاً تضامنياً مع طهران ضد خطوات الإدارة الأميركية، معتبراً أن تضامن الحركة الفلسطينية «لا يراعي القلق الخليجي والعربي تجاه تدخلات طهران»، ومتهماً الحركة بأنها «ما هي إلا مشروع أداة إيرانية إقليمية». وعلى الجانب الأميركي، أعربت واشنطن عن سرورها بالعمل السعودي الإماراتي لدعم خطتها ضد طهران. وأشار المبعوث الخاص بإيران براين هوك، إلى أن هناك تنسيقاً مع السعودية والإمارات، مشيداً بوزير البترول السعودي خالد الفالح «الذي يبلي بلاءً حسناً في المحافظة على استقرار الأسعار وضمان الطلب»، وأضاف: «الإمارات قامت بعمل مساعد... ونحن مسرورون بهذه النتائج التي تهدف إلى عزل إيران اقتصادياً ودبلوماسياً». وهدد هوك بفرض عقوبات إضافية جديدة على إيران أو الدول التي تتعامل معها إذا حاولت «الإفلات من العقوبات».
(رويترز، أ ف ب، الأناضول)