تسعى الإدارة الأميركية إلى نقل استراتيجيتها في أفغانستان، من تلك المعلنة العام الماضي، بتمديد الوجود الأميركي في الحرب، إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع «طالبان» أخيراً، في مسعى لدمج أفغانستان في إستراتيجية الولايات المتحدة الهندو ـــ باسيفيكية، في إطار المواجهة مع الصين. وبعد فشل إدارة الرئيس دونالد ترامب في إجبار حركة «طالبان» على الدخول في محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية، أبدت واشنطن، أمس، استجابتها لدعوة زعيم الحركة، مولوي هبة الله أخوند زاده، إلى إنهاء الحرب الأطول في التاريخ الأميركي كما قال، بشكل سلمي وعن طريق الحوار. استجابة، جاءت بعد شهرين ونصف شهر على دعوة زعيم الحركة، تمثلت في استئناف قياديين من «طالبان» العمل في مكتب الحركة في قطر، تمهيداً للمفاوضات المباشرة مع أميركا، التي تعتبرها «طالبان» القوة الحقيقية وراء الحكومة الأفغانية.
تجري «مفاوضات السلام» في البداية مع واشنطن على أن تُستكمل مع الحكومة الأفغانية

المتحدث باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، أكد في حديث إلى وكالة «الأناضول»، أمس، أن 5 قياديين بارزين بدأوا العمل في المكتب في الدوحة، موضحاً أن «مفاوضات السلام» ستجري في البداية مع الولايات المتحدة الأميركية، على أن تُستكمل مع الحكومة الأفغانية، إذ ذكرت صحيفة «ويسا» المحلية، أن القياديين سيشاركون أيضاً في المفاوضات بين الحركة والحكومة الأفغانية، بناءً على تعليمات زعيمهم، الملا أخوند زاده. ووفق ما أعلن زعيم مجموعة «جيش المسلمين»، التابعة لـ«طالبان»، سيد أكبر آغا، فإن القياديين الـ 5 هم الملا فاضل، وخير الله خيرخواه، وعبد الحق واثق، ونور الله نوري، ومحمد نبي عمري، معتبراً أن مشاركة هؤلاء الأشخاص في المفاوضات «تبعث على الأمل»، كونهم سبق أن أفرجت عنهم الولايات المتحدة من معتقل «غوانتنامو» السيئ الصيت، مقابل الجندي الأميركي الرهين لدى «طالبان»، بوي بيرغدال، في عملية مبادلة في عام 2014.
خطوة الإدارة الأميركية جاءت بعد عام على موافقة ترامب على تمديد الوجود الأميركي في الحرب الدائرة منذ 17 عاماً، إذ أجاز إرسال 3000 جندي أميركي إضافيين، ليصل إجمالي عدد القوات الأميركية في البلاد إلى حوالى 15 ألف جندي. لكن بعد مرور عام، بدت مظاهر تعثر الإستراتيجية، في وقت عززت فيه «طالبان» وجودها في المناطق الريفية، في ظل ضعف قدرات قوات الأمن الأفغانية على مواجهتها، ما دفع الرئيس الأميركي، أخيراً، إلى طلب مراجعة لها، بحسب ما كانت قناة «يورونيوز» الأوروبية، قد نقلت عن مسؤول أميركي كبير، في آب/أغسطس الماضي، على أن تَدرس التقدم الذي تم إحرازه، ووجود القوات الأميركية، واحتمالات إجراء مفاوضات مع «طالبان».